بحرفة واهتمام بالغ بدأت أيديهم تضرب فى الأرض لتزيح بقايا عمل شاق أجهد جسد المكان الذى تكلفوا ليكونوا أول من يعمل به.. هم يعرفون أن اسمهم لن يعرفه أحد كجميع العمال الذين حققت أيديهم المستحيل منذ بداية الخليقة، ولكن هذا لم يمنعهم من الشعور بالفخر بأنهم سيكونون أصحاب اللمسات الحقيقية التى سيشاهدها معظم الناس فى العالم بانبهار عقب أن تكتمل الصورة الحضارية فى معالم أحد أهم الميادين “ميدان الحرية”.
“إحنا ما نعرفش التظاهر لأننا عايشين اليوم بيومه لو يوم ما اشتغلناش ولادنا مش هيكلوا لكن أدينا نزلنا فى البُنا”، يقول ربيع إبراهيم 29 عاما واحد من 25 عاملا هم الذين تكلفوا من شركتهم ببداية العمل فى تجميل “ميدان التحرير” ليحفروا بأيديهم رمزا يبرز مكان وضع مكانه فى كتب التاريخ بأرواح وأعين شباب قرروا أن يحصلوا على الحرية أيا كان الثمن الذى سيدفعونه، واختاروا أن يكون ميدان التحرير هو رمز الحصول على هذه الحرية، ويتابع ربيع “الشغل هنا غير أى مكان ما بين إحساس بالفخر وخوف أنك ما تبقاش قد المسئولية”.
“كفاية إننا حبسنا الحرامية اللى كانوا واكلين البلد”، يقول أحمد شعبان “19 عاما” من خلف آلة الحفر الثقيلة التى دار بها حول الميدان يرفع الحجارة التى أهلكتها القنابل ومعارك الكر والفر بين المتظاهرين والأمن لتعود أرض الحرية لاستقبال حجارة جديدة تليق بها، ويحكى “إحنا عمال يومية ما نعرفش نعمل حاجة فى حياتنا غير الشغل لو الشغل وقف حياتنا كلها وقفت عشان كده الحاجة الوحيدة اللى قدرت تنزلنا الميدان هى إننا نبنيه من جديد”.
“شهرين بدون عمل أو مال هو ما يتذكره محمود أحد العمال عن نتائج الثورة بالنسبة له ولأطفاله، ويقول “أنا مش ضد الثورة بالعكس إحنا أكثر ناس ظلمنا النظام القديم، لكن الثورة كمان ظلمتنا ودلوقتى حاسين أن البلد بدأت تقوم ومستنيين نشوف نتائج الثورة”.
بين مئات العساكر فى عربات الأمن المركزى وأحدث الأسلحة فى العربات المصفحة رفع العمال أدوات بنائهم فى أغرب عملية تجميل غير متوقعة بالنسبة لهم، ويقول ربيع “إحنا استغربنا من عدد قوات الأمن الموجودة”، ويضيف “حسينا إننا فى معسكر جيش لكن هما أدونا أمان لأننا كنا خايفين ننزل، ويحصل هجوم ثانى واحنا اللى نكون الضحية”.
Leave a Reply