ارتفاع أجور عمال البناء يثير مخاوف المتعهدين من استكمال تشييد أبنيتهم

سجلت أجور عمال البناء في دمشق ارتفاعاً وصل إلى حدود 100% لبعض المهن كالبلاط والطيان وغيرها من المهن كالتمديدات الصحية والكهربائية، حيث ارتفعت أجور إنجاز المتر الواحد لأكثر من 800 ل.س مقابل 400- 500 قبل نحو عام، فيما وصلت يومية العامل إلى 800 ل.س مقابل 500 ل.س في أحسن الأحوال العام الماضي. 

وسرت مخاوف حسب عاملون في هذا القطاع في أوساط قطاعي البناء والتشييد من نشوء أزمة استكمال الأبنية قيد الإنشاء بعد ظهور هاجس شح الأيدي العاملة في سوق البناء أو رفع أجورهم إلى مستويات يصعب معها دفع أجورهم بسبب استغلالهم نقص الأيدي العاملة والتحكم بمستوى أجورهم. 

وهذا ما يؤكده أبو غازي متعهد بناء في منطقة جرمانا، مبيناً أن أسباب زيادة الأجور تعود إلى ارتفاع تكاليف المعيشة الذي طال جميع السلع الأمر الذي دفع «معلمو البناء» إلى رفع أجورهم بما يتناسب مع الوضع الحالي، بالإضافة إلى كثرة المشاريع المتعلقة بالبناء والتي تشهدها بعض المحافظات السورية خاصة مناطق المخالفات ما شكل حافزاً لهم لرفع أجورهم في ظل شح الأيدي العاملة ووفرة الطلب.

وأوضح أبو سعيد متعهد بناء في منطقة المزة 86 أن ارتفاع يومية العامل وآجار متر البناء لمستويات قياسية ستنعكس على سعر تكلفة متر البناء الأمر الذي سيؤدي إلى رفع تكلفة بناء المساكن ومشاريع البناء بما يتوافق مع ارتفاع أجرة العمالة، موضحاً أن المتعهد سيقوم بمواجهة هذا الارتفاع من خلال رفع تكلفة البناء على الزبون. 

وتوقع أبو سعيد أن ترتفع تكاليف البناء في مناطق المخالفات خلال الفترة المقبلة لأكثر من 10%، مشيراً إلى وجود عدة أسباب تدعو لهذا الارتفاع بخلاف ارتفاع أجرة العمال, حيث إن ارتفاع أسعار بعض مواد البناء سيشكل أحد أهم الأسباب كذلك في ارتفاع تكلفة البناء. 

وأجمع تجار عقارات في السوق المحلي على أن ارتفاع أجور العمالة مع ارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء سيضاعف أعباء أخرى على الراغب بشراء مسكن والذي يعاني أصلاً من ارتفاع أسعار شراء المساكن وبالتالي تصاعد الإيجارات والتي واصلت بدورها مسلسل صعود قيمتها إلى أسعار خيالية في ظل محدودية العرض في الوقت الحالي مقابل زيادة كبيرة في الطلب بسبب الأحداث الأخيرة التي تعيشها سورية ونزوح أعداد كبيرة من العائلات السورية من المناطق الساخنة كحمص وادلب إلى مدن أكثر أماناً مثل طرطوس ودمشق. 

وعزا تجار مواد بناء وعاملون في هذا القطاع شح العمالة في سوق البناء والتشييد إلى الطفرة العمرانية التي تشهدها سورية، معتبرين أنها سبباً رئيسياً في رفع الطلب على العمالة الأمر الذي تسبب في تنشيف السوق حسب تعبير متعهدي البناء وظهور مشكلة نقص الأيدي العاملة. 

وفي جولة لـ«دي برس» على بعض المباني في مناطق السكن العشوائي وصف متعاملون الأسعار بأنها تسجل مستويات مرتفعة، مشيرين إلى أن كثرة تشييد الأبنية المخالفة خلق طلب كبير على اليد العاملة ما دفع العمال إلى فرض تسعيرتهم أمام ضغط عامل الزمن على المتعهدين خصوصاً في مناطق المخالفات اللذين يرغبون بالتشييد في أسرع وقت ممكن تحاشياً لأي هدم قد تتعرض له أبنيتهم المخالفة. 

فيما يبرر «معلمو البناء» رفع أسعار أجورهم من منطلق أن مهنهم لا تشمل أدنى تأمين رغم ما تحمله من مخاطر ولا يتم إبرام أي عقد مع صاحب البناء خلال فترة عملهم ما يرتب عليهم المسؤولية الكاملة عن أي طارئ قد يتعرضون له، بالإضافة إلى غلاء المعيشة الحاصل في سورية نتيجة ارتفاع الأسعار. 

ويعزي الباحث الاقتصادي عبد القادر أبو بكر ارتفاع أجور الأيدي العاملة في سوق البناء إلى النقص الكبير في أعدادهم بعد موجة التشييد التي تشهدها البلاد إضافة إلى مطالبتهم بزيادة رواتبهم لمواجهة موجة ارتفاع الأسعار الاستهلاكية في سورية، ما اضطر المتعهدين إلى تقديم إغراءات تتجاوز 200 ل.س لأجرة العامل اليومية، وحمّل أبو بكر وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مسؤولية ضمان حماية حقوق ومصالح العمال بالتساوي، مطالباً بإصلاح اتحاد نقابات العمال وتفعيل دورها الاقتصادي والاجتماعي والتعجيل في إقرار رفع الحد الأدنى للأجور. 

كما طالب أبو بكر الحكومة بحماية عمال البناء، داعياً وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلى إعادة النظر في سياستها.

المصدر: http://www.dp-news.com/pages/detail.aspx?articleid=112974#ixzz1nZQHodhd