هدد عبد الفتاح إبراهيم رئيس اتحاد عمال مصر وممثلهم في لجنة الخمسين التي تقوم بتعديل الدستور باللجوء للمنظمات العمالية الدولية إذا تم الاعتداء على حقوق العمال والفلاحين خاصة في الدستور المرتقب، وشن هجوما حادا على من يطالبون بإلغاء نسبة العمال والفلاحين في البرلمان وقال إن هذه النسبة حق مكتسب، وهو أحد أهم وأبرز مكاسب ثورة يوليو 1952،والتنازل عنه تفريط في مكسب حصل عليه العمال عبر نضال مستمر، مشيرا إلى أن تسلل بعض الفئات غير العمالية والفلاحين إلى هذه النسبة عيب في التشريعات وليست عيبا في العمال والفلاحين.
«النهار» التقت عبدالفتاح إبراهيم داخل مكتبه بالقاهرة، ودار معه حوار حول القضايا العمالية في مصر والوطن العربي ورؤيته للتعديلات الدستورية وتصوره عن حل أزمات العامل المصري…. وفي ما يلي نص الحوار:
بصفتك أحد أعضاء لجنة الخمسين التي تقوم بتعديل الدستور المصري، ما الطموحات التي تأمل أن يلبيها هذا الدستور ويحققها للعمال؟
ما يعنينا نحن كعمال في الدستور الجديد هو باب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والخاصة بالعمال وبالفعل استطعنا في جولة التصويت الأولى داخل اللجان أن نسن مادة مضمونها التزام الدولة بالدفاع على حقوق العمال وتجريم الفصل التعسفي وأن الدولة تعمل على بناء علاقات بين طرفي العمل.. ولأن أي ثورة في العالم تقوم من أجل تحقيق طموحات الشعب الفقير والذي يمثل فيه العمال أكثر من 60 % وهم من كانوا وقود ثورة 25 يناير و30 يونيو والتي مثلوا فيها رقما مهما وقد عانوا هؤلاء من الحرمان طول السنوات الماضية، وأنه بات من المفروض على الحكومة الحالية ومن يعدل الدستور، أن يضعوا في الاعتبار ما حدث للعمال في السابق، بعد أن هرب بعض رجال الأعمال وأغلقوا مصانعهم الأمر الذي ساعد على تسريح عدد كبير من العمالة المصرية، ومن هنا جاء اقتراح اتحاد عمال مصر لمادة في الدستور تؤكد ضرورة أن تحمي الدولة حقوق العمال وبناء توازن بين العمال وأصحاب العمل بالإضافة إلى ضرورة النص في الدستور على أن تكفل الدولة الرعاية الصحية والقضاء على البطالة وأيضا تطبيق الحد الأدنى للأجور وأن يكون هذا الأجر عادلا يتوازن مع الأسعار وكل ما يهم الشأن العمالي…وقد اتفقنا مع زملائنا داخل لجنة الخمسين على ضرورة تمريره والتصويت لصالحه.
هناك مشكلة تواجه عمال القطاع الخاص في مصر، والمجلس الأعلى للأجور الذي يحدد التوازن بين الأسعار فشل في تطبيق الحد الأدنى للأجور؟
ببساطة شديدة أنا لست مع أن يكون المجلس الأعلى للأجور هو المتخصص في تحقيق التوازن بين الأسعار والأجور، وهذا مخالف للقوانين المنظمة لذلك،لأنها حددت دور المجلس في تحديد التوازن بين الأسعار والأجور بشكل عام لكنها لم تعط للمجلس حقوقا في أحداث هذا التوازن في القطاع الخاص فقط بل بما فيها القطاعان، وهنا أحب أن أشير إلى عدم ارتياحي لما قامت به الحكومة فيما يخص تحديد الحد الأدنى للأجور والتي أطلقت عليه مسمى جديدا وهو الحد الأدنى للدخل وإحالة الحد الأدنى للأجور إلى المجلس الأعلى للأجور.. وأنا أتعجب من تصريحات أحد الوزراء الذي اتهمنا نحن واتحاد الصناعات على أننا نعرقل تحقيق الحد الأدنى للأجور لذلك أقول له اننا وأصحاب الأعمال نطالبك بتحقيق الحد الأدنى وهذه مسؤوليتك ولابد من تدخل الحكومة في تقنين ذلك.
نسبة العمال والفلاحين أحد أهم انجازات ثورة يوليو 1952 وكانت شبه محصنة في كل الدساتير التي تلت الثورة لكن اليوم هناك من يهاجم هذه المادة وستصدى لها، كيف تحافظون على حق العمال والفلاحين في الدستور الجديد؟
قمنا مؤخرا داخل لجنة الخمسين بعقد العديد من اللقاءات وعلى رأسها لقاء مع عمرو موسى رئيس اللجنة وتباحثنا على وضع نص في الدستور على ضرورة تحديد كوته للعمال والفلاحين بـ50% من البرلمان لأنها باتت حق مكتسب حصل عليه العمال والفلاحون من ثورة يوليو 1952، ولن يستطيع أحد منعه أو التقليل من هذه النسبة، وهنا أؤكد أن ثورة يونيو قامت من أجل حصول الطبقات الكادحة على حقوقها وأي نقص في هذه الحقوق يعتبر خللا في النظام القائم على تطبيق حقوق الكادحين، وهذا يعني أن الثورة لم تأت بأي إنجاز ولا معنى لقيامها لسبب أن العمال والفلاحين كانوا وقود هذه الثورة ومعنى عدم حصولهم على الحقوق الأساسية،تعتبر الثورة كأنها لم تكن، ومن ينادي اليوم بإلغاء نسبة العمال والفلاحين لا يدرك أن 70 % من الشعب المصري من هذه الفئات وأن الطبقة الفقيرة من هذه الفئات تعيش في الريف، فإذا أطاحنا بهذه النسبة من يمثل هؤلاء في البرلمان طبقة رجال الأعمال والرأسمالية المتوحشة، وهنا أذكر شيئا مهما،وهو أن ثورتي يناير ويونيو قامت ضد الرأسمالية، وأصحاب فكرة إلغاء النسبة يروجون لمقولة «متى استفاد العمال والفلاحين من ذلك» ونحن نقول لهم ما ذنب هؤلاء في عدم تطبيق النظام الحاكم في ذلك الوقت ضوابط تشريعية وقانونية لتعريف من هو العامل ومن هو الفلاح لمنع المتسللين للاستفادة من هذه النسبة، وهذا ليس دورنا وأيضا هذا ليس خطأ العمال ولا الفلاحين، ولكن هو خطأ الحكومات المتعاقبة من هنا أعلنت مرارا وتكرارا اذا تم إلغاء نسبة العمال والفلاحين فسأنسحب فأنا لا يشرفني أن أكون عضوا في هذه لجنة تهدر حقوق العمال والفلاحين .
هل هناك تنسيق بين الاتحاد والحكومة فيما يخص العمال وبمعنى أوضح،خاصة أن هناك 4000 مصنع تم غلقهم وتشريد العاملين فيهم؟
نعم هناك تنسيق فقد أرسلنا إلى الدكتور حازم الببلاوي رئيس الوزراء، خطابا نطالبه بتحديد موعد من أجل مناقشة بعض القضايا الهامة وعلى رأسها مشكلة 4000 مصنع التي تم تشريد عمالها وهناك أيضا 12ألف عامل مفصولون ولم يعودوا إلى عملهم وبالإضافة إلى الشركات التي تم الحكم بعودتها بعد خصخصتها ولدينا أيضا مشاكل عديدة من تعامل بعض الوزراء فيما يخص العمال وأنا لا أتصور أن الشعب المصري بعد قيامه بثورتين لا يحصل على حقوقه الاقتصادية والاجتماعية حتى الآن.
نظام مبارك فرغ العمل النقابي من مضمونه ثم جاء الرئيس المعزول محمد مرسي واستولى هو وجماعته على الاتحاد فهل هناك تصور للعودة للقيام بدوره والدفاع عن العمال؟
أحب هنا أن أذكر بتاريخ الاتحاد النضالي للدفاع عن حقوق العمال منذ إنشائه في عام 1957، وعارا علينا بعد ثورتين ألا نعيد لهذا الاتحاد دوره وتفعيل دور اللجان النقابية داخل المنشأت وأيضا عودة هيبته ومكانته العالمية ودعني من خلالك أن أوجه رسالة إلى الجميع أن هذا الاتحاد بكياناته ومؤسساته وقيادته قادر على أن يقود الحركة العمالية لتكون في أوائل الصفوف وأن يكون ممثلا حقيقيا لعمال مصر.
تحدثت في الصحف خلال الفترة الماضية عن أن هناك مؤامرة لتفتيت اتحاد العمال كيف يتم ذلك ولمصلحة من؟
أتصور أن الشيء كلما كان عظيما ومؤثرا كان له أعداء فما بالك بهذا الاتحاد العريق في كل شيء بداية من كياناته إلى الوصول إلى قيادته فبلا شك يكون له أعداء وهنا أحب أن أوضح أن المنافسة الشريفة تولد خصما وليس عدوا لكن ما يحاك بنا هو مؤامرة تدبر من خلال مخطط صهيوني يعمل على تفتيت وتفريغ الحركة النقابية من مضمونها فلابد من مواجهتها وهنا أؤكد أن المؤامرة التي كانت تحاك حول الاتحاد، تتمثل في تفتيت الاتحاد وأنت تطالع الصحف هذه الأيام هناك اتهامات توجه لنا دون سند قانوني وليس لها أساس من الصحة والغرض منها هو تشويه صورة الاتحاد وقيادته والنيل من سمعته.
نشرت بعض الصحف أخبارا أن أزمة بينكم وبين كمال أبو عيطة وزير القوى العاملة والهجرة واتهامات حول تقارير تؤكد صرف مبالغ في أمور غير قانونية ما ردكم على ذلك؟
هذا الوزير قبل أن يتولى الوزارة رفع شعارات منها «التنظيم النقابي وشأنه»، اذن نحن وشأننا والوزارة وشأنها ونحن لنا دور، وهو الضغط على الحكومة من أجل الحصول على حقوق العمال والوزير دوره يكون حكما محايدا بين العامل وصاحب العمل، أن يوجد علاقة عمل متوازنة بين الطرفين ومن هنا لا أتصور أن يكون هناك خلاف بيننا، فكل له دوره ولسنا في نزاع على دور.. وقد حددت القوانين والتشريعات والمواثيق في الدولة دور التنفيذي ودور الشعبي ومن هنا يجب أن يتحدث الوزير في حقوق العمال الضائعة ووضع حلول جذرية مع حكومته ونحن دورنا أبراز المشاكل ووضع مقترحات لحلها ولكن تدخل الوزير في العمل النقابي هو من خلق الأزمة.
هل هناك ازدواجية في العمال النقابي في مصر هناك اتحاد رسمي وهناك اتحاد مستقل؟
أنا ضد التعددية النقابية وأنا لا أتصور اطلاقا أن يكون هناك 200 تنظيم نقابي داخل مصنع مثل غزل المحلة وبالتالي يصعب على الإدارة تلبية رغبات هذه التنظيمات فلو كان هناك ممثل واحد للعمل فسيتم حل مشاكلهم بسرعة ولو نظرنا إلى وجود هذا العدد من التنظيمات من الصعب على أي إدارة التواصل معهم ما يؤدي حتما لضياع حقوق العمال في ظل التعددية النقابية وهذا أيضا من ضمن المؤامرة التي تقوم بها أميركا لتفتيت البلدان العربية، لكن أنا مع أن يكون هناك تعددية فوقية للعمل النقابي فلا مانع من وجود أكثر من اتحاد للعمال لكن داخل المصنع والمنشأة تكون لجنة نقابية وحداة وإلا فهذا خطر، فتوحيد اللجنة النقابية أفضل ويكون لها الحرية في الانضمام إلى أي اتحاد سوء كان حرا أو مستقل.
هل هناك دور للاتحاد في متابعة مشاكل العاملين في الخارج وكيف لعامل لديه مشكلة التواصل معكم؟
نحن منوطون بهذا وتم تشكيل لجنة داخل الاتحاد أطلقنا عليها اسم سكرتارية العاملين في الخارج وفي الفترة القادمة سيكون لها دور في التعرف علي مشاكل العاملين في الخارج والتعامل معها وسرعة حلها، كذلك يوجد في كل سفارة مندوب عن وزارة العمل والهجرة وسيتم التنسيق معه مستقبلا، أيضا هناك فكرة تدشين شبكة انترنت على أعلى مستوى من أجل التواصل مع العاملين بالخارج من خلالها.
منظمة العمل الدولية خلال السنوات الماضية تصنف مصر في ترتيبات متأخرة من حيث مشاكل العمال؟
أنا ليس لي دور في تحسين دور مصر الخارجي مع المنظمات العالمية، ولكن دوري هو تحسين أحوال العامل المعيشية والدفاع عن مصالحه، من أجل الوصول بعيشته إلى عيشه كريمة تليق به وهذا الدور سيظهر صورة مصر في الخارج أفضل…. كذلك نحن نعلم كيف تدار هذه المنظمات ومن يديرها وأن كانت التقارير الصادرة من منظمة العمل الدولية تؤكد سوء أحوال العمال في مصر، فأنا أقول أن الحقيقة هي أن أحوالهم أسوأ بكثير وهذه حقيقة وهنا سؤال يطرح نفسه هل يعقل أن صاحب العمل قبل تعيين العامل يقوم بإجباره على التوقيع على استقالته قبل تعيينه، في أي دولة يحدث ذلك؟ وهنا أؤكد أنني في حالة عدم الاستجابة لحقوق العمال سأتجه إلى المنظمات الدولية في سبيل الدفاع عن حقوق هذه الفئة.
Leave a Reply