كلمة المراغى »» فى افتتاح اللقاء الثانى لاتحاد النقابات العالمى بالخرطوم

السيد الدكتور/ إبراهيم غندور
رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال السودان الشقيق، وأمين عام اتحاد عمال شرق أفريقيا، ونائب رئيس الاتحاد العالمى.

السيد/ جورج مافريكوس
الأمين العام للاتحاد العالمى.

السادة/ القيادات النقابية الأفريقية.
السيدات والسادة الحضور. . .
يشرفنى أن أنتهز هذه الفرصة الطيبة التى جاءت مع هذا الاجتماع الإفريقى الهام، فى وسط غابة من الأحداث السريعة والـمتلاحقة، التى يمر بها العالم عامة، وأفريقيا خاصة، فأفريقيا غنية بالموارد البشرية والمعدنية والثروات الطبيعية، إلا أن الاستعمار اليوم أصبح استعمارا اقتصاديا مخابراتيا يقضى على الغالى والنفيس لصالح بلدان الشمال، واليوم ونحن على أعتاب هذا العمل الهام الذى نتشرف بحضوره فى السودان الشقيق، نتطلع إلى تغيير فى الخريطة النقابية الدولية مما يسمح بعمل يكون أساسه الند بالند، والاحترام المتبادل، وتبادل المصالح التى تشابكت بعد العولمة وأصبحنا مثل الفريسة فى فم بلدان الدول الصناعية، والتى تحاول دائما إقناعنا بأننا لا نستطيع أن نتقدم وحدنا، فالاستعمار اليوم أصبح استعمار اقتصادى سيئ يقضى على كل شئ، يغزو الأخلاق، ويغزو المجتمع، ضاربا بعرض الحائط بالاحتياجات الحقيقية لكل دولة، وكل شعب، حتى لا نفكر إلا مثل ما يفكر هو، ولم ينصب ذلك فقط فى إطار العولمة الاقتصادية بل أصبح بالسيطرة على المحافل الدولية وعلى رأسها المنظمة التى حاولت بعض القوى الاستعمارية القضاء عليها بإنشاء منظمة التجارة العالمية وهى منظمة العمل الدولية.
تلك المنظمة التى من المفترض أن نناضل للحفاظ عليها، فهى الوحيدة فى منظومة الأمم المتحدة التى تجمع الفرقاء الثلاث، إلا أن هيمنة الاتحاد الدولى للنقابات من خلال السيطرة على فريق العمال، أدت إلى تآكل العمل داخل المنظمة فى وسط يعج بالتغييرات السريعة والمتلاحقة وهو أمر بالغ الدهشة، أما اليوم وبعد حضورنا مؤتمر منظمة الوحدة النقابية الأفريقية، وحيث أعلن كافة الحضور رفضهم دمج منظمة الوحدة النقابية الأفريقية داخل منظومة الاتحاد الدولى للنقابات، هذا الاتحاد الذى أنشئ بتعليمات من أجهزة المخابرات الأجنبية.
وإننى لأطالب كل منكم أن يسعى جاهدا بتوحيد الصفوف داخل بلاده، وأن يبرز أهمية التثقيف العمالى حتى لا يختلط الحابل بالنابل، فقد تزعم هذا الاتحاد حملة شعواء منذ اندلاع ثورات الربيع العربى، محاولا أن يجد لنفسه دورا ليس فيه تحقيق للاستقرار، بل، هو نشر الفوضى تحت مزاعم الحريات النقابية وحماية العمال، وظهر ذلك جليا فى رفضه لتأسيس الاتحاد الحر لنقابات البحرين، واليوم ونحن قد وقفنا أمامه، وقاومنا وأعطيناه درسا لن ينساه، لم يكن ذلك بجهد مصرى فقط، بل، بجهد دولى، تزعمه الاتحاد العالمى للنقابات، ومنظمة الوحدة النقابية الأفريقية، والاتحاد الدولى لنقابات العمال العرب، هذا الحائط المنيع الذى بناه أجدادنا من شيوخ الحركة النقابية، رافضين أن يكون هناك تدخل فى صنع القرار العربى.
نحن لسنا ببعيد عما يحدث من حولنا، لذا كان قرار مجلس إدارة الاتحاد العام، هو توقيع الانضمام لأسرة الاتحاد العالمى للنقابات، وقد تم ذلك فى احتفال مهيب وفى حضور صحفى تزامن مع هذا الحدث، وكانت فرصة طيبة للإعلان عن هذا الاتحاد الذى ينأى بنفسه، ويضحى ويعمل فى صمت، لم يأت هذا القرار مصادفة وإنما كان حصيلة مفاوضات واتصالات مكوكية، كان بطلها جورج مفريكوس الذى أتى إلى مصر، وقال: «نحن معكم فى معركتكم»، وساعدت هذه الزيارة التى جاءت بعد جمعية عمومية طارئة، تم الحفاظ فيها على أصول وممتلكات اتحاد نقابات عمال مصر، فى كافة أنحاء المحروسة.
ونحن اليوم على أبواب عقد مؤتمر أوروبى بالقاهرة، تحت رعاية الاتحاد العالمى للنقابات، تمت المناقشة المبدئية له، ويأتى ذلك بعد خيبة الأمل فى اجتماع الاتحاد الدولى للنقابات الذى عقد بالقاهرة الأسبوع الماضى، وخرج بما أضحك الجميع ألا وهو، إنشاء الاتحاد العربى للنقابات المستقلة، ماذا يريد هذا الاتحاد منا؟ نحن لا نقبل معاملة السيد للعبد، فنحن أصحاب تاريخ ونرفض المساس بالسيادة المصرية.
ونحن لسنا ببعيد وإننى لأقترح عليكم، عقد لقاء عربى إفريقى بالقاهرة، فى أقرب وقت، وهى فرصة طيبة للتكامل العربى الأفريقى، وتحقيق أسواق بين المجتمعين، وفتح فرص عمل يستفيد منها الجميع.
إن مصر لتفتح ذراعيها، للاتحاد العالمى ومن خلال مكتب الاتحاد الإعلامى بالقاهرة، يمكن أن تكون نقطة اتصال هادفة تنشر أفكار اتحادكم عبر كافة البلدان، ونحن اليوم نؤكد على دعمنا للقارة الأفريقية، تلك القارة التى لطالما عانت، وبالرغم من وجود مؤثرات ومقومات تساعدها على المضى قدما.
ولا يفوتنى فى هذا الشأن إلا أن أحيي الدكتور إبراهيم غندور، واتحاد عمال السودان الشقيق، على الجهد المبذول، والاستضافة الكريمة التى طالما شعرنا بالدفء والحنين إلى النيل العظيم الذى يربط بيننا.
وإننى على الرغم مما تمر به بلادنا من أزمات عصيبة إلا أننى قررت مشاركتكم فى هذا العمل الهام، متمنيا لمؤتمركم كل النجاح والتوفيق.