كتبت-سامية الفقى
يعمل مستشفى سرطان الأطفال مصر 57357 على قدم وساق، في مجالات عدة، وعلى رأسها البحث العلمي، لكي يواكب العالم في العلم والتطور التكنولوجي، بما ينعكس بالإيجاب على صحة وسلامة وآمان المرضى وارتفاع نسب الشفاء بشكل خاص، وعلى المجتمع المصري والبشرية بشكل عام.
وفي ضوء جائحة كورونا، ونتيجة للدور العلمي والأخلاقي والمجتمعي للمستشفى، ساهمت في المحاولات الإنسانية لمجابهة الجائحة، خاصة مع القدرات غير المسبوقة لهذا الفيروس على التحور، وذلك من خلال تسخير بعض من إمكاناتها لدراسة الفيروس وتغيراته بين المصريين، وكذلك تأثيره على الأطفال المصابين بالسرطان.
وفى أحدث إنجاز علمى بالمستشفى، نجح قسم البحث العلمى فى إجراء بحث تم نشره فى مجلة “إي لايف eLife” العلمية العالمية في أمريكا، وكشف عن وجود علاقة بين زيادة احتمال الوفيات بين الحالات الحرجة لمرضى كوفيد 19، خلال الـ 10 أيام الأولى من دخولهم العناية المركزة، وبين حدوث تلف مكثف فى أحد البروتينات بالدم، ويسمى “ألبومين”.
والألبومين “الذلال” هو أحد البروتينات التى تشكل 60% من محتوى الدم، وهو مسؤول عن حمل ٢٥٠ دواء ومكملات غذائية وفيتامينات، ونقلها من الأمعاء والكبد إلى باقى أعضاء الجسم، كما أنه يساهم فى تنظيم عملية تجلط الدم، وكذلك يحمى من الإجهاد الأكسيدى، والذي يعني بتفاعلات كيميائية شرسة عن طريق مشتقات الأكسجين النشطة”، والتى تعد مكونا أساسيا له.
ويؤكد د. سامح سعد، أستاذ الفيزياء الحيوية، رئيس وحدة بيولوجيا الأورام بمستشفى ٥٧٣٥٧، أنه فى حالة الإصابة بكورونا، فإن الجسم المصاب يواجه عاصفة إلتهابية عنيفة نتيجة العدوى الفيروسية، وتتسبب في زيادة الإجهاد الأكسيدى، فيتفاعل الألبومين مع مشتقات الأكسجين النشطة، وينجح فى محاربتها والقضاء عليها، ولكنه يتسبب في تلف شديد في البروتين، كرد فعل عنيف بالجسم، وتحدث تغيرات فى تركيبته ووظيفته، مما يؤثر على دوره فى تنظيم تجلط الدم، فتزداد قابلية الجسم للجلطات، ويزداد احتمال تعرض المريض للوفاة.
ويستطرد سامح سعد، بأن خطورة كوفيد 19 ترتبط بحدوث هذه المضاعفات الثلاث، والتى نطلق عليها مثلث الرعب، وهى العاصفة السيتوكينية “الإلتهابية”، والإجهاد الأكسيدى، وتجلط الدم، مشيرا إلى أن الفريق البحثي توصل إلى أن هذه المضاعفات ترتبط بحدوث التلف المكثف لبروتين ألبومين.
ونجح الفريق فى قياس معدلات هذا التلف لدى مرضى الرعاية المركزة، من خلال أساليب تكنولوجية متقدمة، ووجد بالفعل وجود علاقة بين ارتفاع نسب الوفيات في مرضى كوفيد 19 خلال العشرة أيام الأولى من دخول الرعاية المركزة، وبين زيادة شدة تلف البروتين.
ويجيب هذا البحث عن سؤال هام لدى الكثير من جهات البحث، وهو “لماذا ينجو بعض المرضى رغم دخولهم في حالة حرجة.. بينما يلقى آخرون حتفهم في نفس الظروف المرضية؟”.
وقال رئيس وحدة بيولوجيا الأورام بمستشفى 57357، أن أهم أسباب الوفاة هنا تأتي بسبب حدوث فشل في الرئة والقلب والكبد والكلى أو في أحدهم منفردا، أو تجلط الدم، نتيجة العاصفة الالتهابية الشديدة.
ويشير إلى احتمالية وجود تشابه بين ما يحدث في حالة كورونا من حيث العاصفة الالتهابية نتيجة لرد الفعل المناعي، وبين ما يتعرض له الأطفال عقب استخدام العلاج الكيماوي، أو بعد زراعة النخاع في مرضى سرطان الدم “اللوكيميا”، وهو ما يفتح أبوابا جديدة تسمح بفهم آلية حدوث الأعراض الجانبية التي تهدد حياة الأطفال مرضى السرطان.
ويعكف الفريق البحثي في 57357 الآن، على تتبع نفس بروتين الألبومين، كدالة على استجابة المرضى لعلاجات السرطان المختلفة.