إن العلم السائد بين منتسبي السلامة والصحة المهنية هو معرفتهم التامة بمتطلبات النظم واللوائح والقوانين الخاصة بمنظومة السلامة والصحة المهنية حيث تعتبر جمهورية مصر العربية رائدة في هذا المجال وعلي مدي العقود الماضية حيث تبنت وطبقت معايير السلامة والصحة المهنية بأماكن العمل وتتابع كل جديد لتحديث النظم واللوائح والقوانين بما يتوافق مع متطلبات واحتياجات أطراف العمل الثلاثة؛ العمال والحكومة وأصحاب الأعمال.
ويمكن تعريف نظم إدارة السلامة والصحة المهنية بأنها التطبيق الفعلي لمفاهيم ومبادئ الإدارة والممارسات الجيدة للعمل بما يحمي العمال من التعرض للإصابات والأمراض المهنية.
إلا أن الدول العظمي تبنت منظومة إدارة سلامة العمليات منذ عام 1992 والتي تهدف إلي حماية العمال والمنشئات والمجتمع المحيط من التعرض للأحداث الجسمية مثل الإنفجارات والحرائق وانهيار المنشئات وتلوث البيئة المحيطة.
ويمكن تعريف منظومة سلامة العمليات بأنها تطبيق مبادئ ومفاهيم الإدراة وأفضل الممارسات عند تصميم وتشييد وتشغيل وحتي عند إغلاق المنشئات الصناعية خاصة المنشئات الكيمائية والبتروكيماوية من خطر الإنفجارات والحرائق والإنهيارات فضلا عن تلوث البيئة المحيطة بالمصانع وتعرض المواطنين القاطنين بجوار تلك المصانع لأي أثر سلبي من تواجد تلك المصانع قريبة من الكتلة السكنية.
هذا ونظرا لتنامي تبني قطاعات من الصناعة في مصر لمنظومة سلامة العمليات؛ فإنني أعرض هنا بعض الفروق والإختلافات بين النظامين للسادة العاملين في نفس المجال لزيادة معرفتهم بنظومة سلامة العمليات والتعاون مع الإدارات المختلفة بمنشئاتهم بغرض حماية الأفراد والممتلكات والبيئة المحيطة بالمصانع فضلا عن حماية بيئة العمل والعاملين من التعرض لأي مظاهر سلبية قد تنجم من الحوادث الجسيمة.
وجه الاختلاف بين منظومة السلامة المهنية وسلامة العمليات:
تختص السلامة المهنية بحوادث العمل كثيرة الحدوث مثل التعثر والسقوط والاصابات الشخصية من العمل اليومي. أما سلامة العمليات فتختص بالحوادث الجسيمة ذات احتمالية ضعيفة أو قليلة التكرار لكنها قد تحدث أثارا مدمرة أو كارثية بالمصانع والمنشئات.
تحمي منظومة السلامة المهنية من يعمل بالمصنع او المنشأة من الإصابات الشخصية والأمراض المهنية. أما سلامة العمليات فتهدف الي حماية العاملين والمجتمع المحيط من التعرض للأثار السلبية جراء الحوادث الجسيمة.
لا تمنع منظومة السلامة المهنية حوادث تسرب المواد الكيميائية والانسكابات فضلا عن تلوث البيئة المحيطة بالمصانع.؛ لكن علي الوجه الآخر تختص منظومة سلامة العمليات بمنع حدوث التسربات وانسكابات المواد الكيميائية الخطرة فضلا عن تلوث البيئة المحيطة بالمصانع وتعرض المجتمع المدني للإثر السلبي لذلك التعرض.
تركز منظومة السلامة المهنية علي صحة وسلامة العاملين وكذا رفاهيتهم. أما سلامة العمليات فتختص أيضا بالمجتمع المحيط وانتظام العمل بالمصانع وعدم خروجها من الخدمة بسبب الحوادث الجسيمة؛ كما تأخذ في الإعتبار سمعة الشركة وانتظامها في السوق ككتلة مؤثرة فيه فضلا عن أصحاب المصالح مثل المساهمين والشركاء والمجتمع المدني والحكومة.
تعتمد منظومة السلامة المهنية علي تحسين سلوك العاملين في حياتهم اليومية ونشر الوعي الوقائي بينهم. أما سلامة العمليات فتعتمد أساسا علي سياسة التحسين والتطوير عن طريق استحداث طرق جديدة لتكنولوجيا التصنيع أوتعديل التكنولوجيا القائمة بما يحقق أفضل انتاجية بأقل هدر من الموارد المادية وتقليل الفاقد في الطاقة والاستخدام الأمثل للموارد المادية والبشرية فضلا عن الاستثمار في العنصر البشري برفع مستوي المهارة ودرجة الجدارة والكفاءة بما يحقق أفضل عائد علي المجتمع وأصحاب المصالح.
لا يحتاج تطبيق منظومة السلامة المهنية الي تخصيص موادر مادية عالية في الموازنة المالية للمنشأة. وعلي العكس يتطلب تطبيق منظومة سلامة العمليات توافر الموارد المالية المكلفة لعملية التعديل أوالتغيير فضلا عن الإرتقاء بثقافة سلامة العمليات بين العاملين؛ وهي عملية مكلفة وتحتاج مجهود من مرحلة فكرة إنشاء المصنع الي آخر يوم في عمره؛ أي من المهد إلي اللحد.
تعتبر منظومة السلامة المهنية معروفة ومطبقة جيدا في جمهورية مصر العربية لكن منظومة سلامة العمليات فتعتبر حديثة العهد وتطبقها الشركات طواعية أو تحت ضغط من شركات التأمين العالمية كشرط أساسي للوصول بقسط التأمين علي المنشأة الي الحد المقبول عالميا.
تتطلب كلا المنظومتين الدعم والمساندة من مستويات الادارة العليا بالإضافة الي الدعم الكام من الإدراة العليا للشركات.
يتضح من هذا العرض أن هناك تحديات جسيمة ومتطلبات جمة لشركات التأمين فضلا عن حق المجتمع المدني أن يعيش بجوار المصانع والمنشآت ذات الخطورة العالية دونما أدني تعرض لهم من الأثر المدمر والكارثي للحوادث الجسيمة.
نشرت ورقة العمل هذه في احتفالية لجنة السلامة والصحة المهنية بنقابة المهندسين بيوم السلامة العالمي و المقالة تعميما للإستفادة.
كاتب المقال مهندس استشاري في مجال السلامة وإدارة المخاطر وصاحب مكتب الخليفة للاستشارات الفنية وادارة المخاطر