شهدت السياحة فى الآونة الخيرة طفرة قى نوعية جديدة، ألآ وهي السياحة البيئية التى تعتمد على عوامل جذب طبيعية وبيئية، فبإلأضافة إلى السائحين الذين يقضون عطلاتهم بشكل تقليدي، ظهر قطاع آخر يفضل قضاء عطلته بشكل جديد بحقق لهم فرصة الإبتعاد عن زحام وضوضاء الحياة الحديثة والتمتع بجمال ونقاء الطبيعة بثراء مناظرها وأحياءها البرية والنباتية والبحرية، وما يرتبط بها من سكان وثقافات محلية، القديم منها والمعاصر، وذلك من خلال قيامهم بمجموعة من الأنشطة التى ترتبط بالبيئة المحلية.
وقد برز مفهوم السياحة البيئية، التى نحن بصددها الآن، كاختيار عملي للأستمتاع بالطبيعة والتراث الثقافى المحلى والحفاظ عليهم فى آن واحد، وقديما تم تعريف هذه النوعية من السياحة على أنها “رحلات ملتزمة بيئيا وزيارات لمناطق لم تعرف بعد، وذلك بغرض الأستمتاع والدراسة وتأمل البيئة الطبيعية وملامحها الثقافية.
إن السياحة البيئية كغيرها من قطاعات التنمية تعد رئيسية على نطاق عالمى وتستأثر باهتمام الدول بشكل متزايد خالل العقدين الماضيين، لما لها من دور مهم وفعال فى حماية البيئة والمعالم التارخيية والحياة البرية والبحرية، فمناطق الطبيعية أصبحت تجذب السياح وهي تحقق فوائد اقتصادية تنموية عديدة لكثير من دول العالم، كما تعتبر السياحة البيئية مهمة جدا للدول النامية، لكونها تمثل مصدرا للدخل، إضافة إلى دورها فى الحفاظ على البيئة، وترسيخ ثقافة ممارسات التنمية المستدامة فالسياحة البيئية فى مصر تعد حلقة هامة فى تنمية القطاع السياحي وتشجيعها حتمية مطلقة، من أجل استغلال أفضل للثروات الطبيعية التى تزخر بها مصر.
وتحتل السياحة البيئية مكانة متميزة لدى العديد من دول العالم، وهذا لما لها من عائدات كبيرة ومباشرة، إضافة إلى سهولة الأستثمار بها، لدورها كمقصد سياحي رئيسي لجمهورية مصر العربية والأستفادة من الإنعكاسات الأقتصادية والأجتماعية المنتظرة من ذلك بالنظر إلى الإمكانيات العديدة التى تتوفر عليها.
السياحة وأهداف التنمية المستدامة:
أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة خطة التنمية المستدامة لعام 2030 ومعها أهداف التنمية المستدامة،وهي إطار يتألف من 17 هدفًا و169 غاية، يمكن من خلالها أن تقوم الدول والمجتمع المدني والقطاع الخاص من توجيه مساهماتهم وقياسها. من خلال تسليط الضوء على السياحة والتنمية المستدامة وجعل الأنماط السياحية ذات تأثيرات إيجابية علي البيئة والمجتمع والاقتصاد، والتأكيد علي أن مبادئ التنمية المستدامة تنطبق علي جميع الأنماط السياحية، كما أنها تخص الجوانب البيئية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للتنمية السياحية لضمان الاستدامة علي المدي الطويل.
وتبرز السياحة بصورة خاصة في الأهداف 8 و12 و14، التي ترتبط بالتنمية الاقتصادية المستدامة والشاملة، والانتاج والاستهلاك المستدامة، والاستخدام المستدام للموارد البحرية. ولتحقيق تلك الأهداف، يجنب تنفيذ إطار عمل مطلوب من خلال التمويل الكافي والاستثمار في التكنولوجيا والهياكل والموارد البشرية.
فالسياحة البيئية المستدامة ذات صلة وثيقة بمختلف أهداف التنمية المستدامة كما يتضح فيما يلي:
الهدف 1 – القضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان: من خلال ربط التنمية السياحية المستدامة وأثرها على مستوى المجتمع المحلي بالأهداف الوطنية للحد من الفقر.
الهدف 2 – القضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي والتغذية المحسّنة وتعزيز الزراعة المستدامة: يمكن للسياحة أن تحفز الإنتاجية الزراعية عن طريق تشجيع إنتاج واستخدام وبيع المنتجات المحلية في الواجهات السياحية واندماجها الكامل في سلسلة القيمة السياحية.
الهدف 3 – ضمان تمتّع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار: كما أن مساهمة السياحة في النمو الاقتصادي والتنمية يمكن أن يكون له تأثير على الصحة والرفاهية.
الهدف 4 – ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلّم مدى الحياة للجميع: ويمكن لقطاع السياحة توفير حوافز للاستثمار فى التعليم والتدريب المهني ويستفيد من ذلك المجتمعات المحلية خاصة الشباب والمرأة والفئات ذوي الاحتياجات الخاصة.
الهدف 5 – تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات: يمكن للسياحة أن تكون أداة للمرأة لإطلاق إمكانياتها، ومساعدتها على الانخراط الكامل والقيادة في كل جانب من جوانب المجتمع.
الهدف 6 – ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع: يمكن للسياحة أن تلعب دورا حاسما في تحقيق الوصول إلى المياه والأمن، فضلا عن النظافة والصرف الصحي للجميع.
الهدف 7 – ضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة: ويمكن للسياحة الإسراع فى التحول نحو الطاقة المتجددة وزيادة حصتها في مزيج الطاقة العالمي عن طريق تشجيع الاستثمارات المناسبة والطويلة الأجل في مصادر الطاقة المستدامة.
الهدف 8 – تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة، وتوفير العمل اللائق للجميع: من خلال إتاحة فرص العمل اللائق في قطاع السياحة مع التدريب وتنمية المهارات خاصة الشباب والنساء.
الهدف 9 – إقامة بنى تحتية قادرة على الصمود، وتحفيز التصنيع الشامل للجميع والمستدام، وتشجيع الابتكار: لابد ان تعتمد التنمية السياحية على بنية تحتية جيدة من القطاعين العام والخاص وعلى بيئة مبتكرة. من خلال تحفيز الحكومات لتحديث البنية الأساسية وتحديث صناعتهم لتصبح مستدامة، كفاءة استخدام الموارد والنظافة كوسائل لجذب السائحين والاستثمارات الأجنبية الأخرى.
الهدف 10 – الحد من انعدام المساواة داخل البلدان وفيما بينها: يمكن للسياحة أن تكون أداة قوية لتنمية المجتمع المحلي والحد من أوجه عدم المساواة إذا ما أشركت السكان المحليين وجميع أصحاب المصلحة الرئيسيين في تنميتها. ويمكن للسياحة أن تسهم في التجديد الحضري والتنمية الريفية وتوفير فرص ازدهار المجتمعات المحلية.
الهدف 11 – جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة: اإن السياحة المستدامة لديها القدرة على دفع البنية التحتية الحضرية وإمكانية الوصول الشامل، والحفاظ على التراث الثقافي والطبيعي التى تعد أصول تعتمد عليها السياحة.
الهدف 12 – ضمان وجود أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة: القطاع السياحي الذي يعتمد ممارسات إنتاج واستهلاك مستدام يمكن أن يقوم بتسريع التحول العالمي نحو الاستدامة.
الهدف 13 – اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لتغير المناخ وآثاره: تساهم السياحة في التصدى لتغير المناخ وتتأثر به. من خلال خفض استهلاك الطاقة والتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، وخاصة في قطاع النقل والإقامة.
الهدف 14 – حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة: يجب أن تكون التنمية السياحية جزءا من الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية من أجل المساعدة فى الحفاظ على النظم الإيكولوجية البحرية الهشة، وتعزيز الاقتصاد الأزرق.
الهدف 15 – حماية النظم الإيكولوجية البرية وترميمها وتعزيز استخدامها على نحو مستدام، وإدارة الغابات على نحو مستدام، ومكافحة التصحر، ووقف تدهور الأراضي وعكس مساره، ووقف فقدان التنوع البيولوجي: يمكن للسياحة المستدامة أن تؤدي دورا رئيسيا، ليس فقط في حفظ التنوع البيولوجي والحفاظ عليه، ولكن أيضا في احترام النظم الإيكولوجية الأرضية، نظرا لجهوده الرامية إلى الحد من النفايات والاستهلاك والحفاظ التراث الطبيعي للنباتات والحيوانات الأصلية وأنشطتها التوعوية.
الهدف 16– السلام والعدل والمؤسسات: الأنشطة السياحية توفر فرص لالتقاء الناس من خلفيات ثقافية متنوعة، يمكن للقطاع السياحي تعزيز التسامح والتفاهم بين الثقافات والأديان، ووضع أساس لمجتمعات أكثر سلاما.
الهدف 17 – تعزيز وسائل التنفيذ وتنشيط الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة: للعمل معا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وغيرها من الأمور المشتركة، والواقع أن التعاون داخل القطاع العام والشراكات بين القطاعين العام والخاص يشكل أساسا ضروريا وأساسيا للسياحة المستدامة.
ولاشك أن تحقيق تلك الأهداف السابقة يرسخ تطبيق مفهوم السياحة المستدامة المنشودة من أجل الأجيال الحالية والمستقبلية.
كاتب المقال مؤسس كلية طب بيطرى عين شمس والمشرف على وكالة الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة ومشرف على تأسيس ورئاسة قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان- كلية الطب البيطرى- جامعة عين شمس- الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتجاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية.