بقلم: ا.د عاطف محمد كامل احمد
- رئيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان- كلية الطب البيطرى- جامعة قناة السويس
- الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتجاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية
- مدير المركز الإقليمى التدريبى والبحثى للمحميات الطبيعية بجامعة قناة السويس
يحتفل العالم في الحادى عشر من مايو كل عام، باليوم العالمي للطيور المهاجرة، ويأتي الاحتفال هذا العام 2021، تحت شعار “غني – طير ..حلق مثل الطيور”.
الذي اقترحه برنامج الأمم المتحدة للبيئة لهذا العام، ويتم الاحتفاء باليوم العالمي للطيور المهاجرة مرتين في السنة، تصادف الأولى السبت الثاني من شهر مايو فيما تصادف الثانية السبت الثاني من شهر أكتوبر ويرتبط هذان اليومان بموعد هجرات الطيور التي تنطلق في بداية الصيف وبداية الخريفز وأبرزت الأمم المتحدة، أن حملة التوعية هذا العام تركز على «تغريد الطيور» و«تحليق الطيور» كوسيلة لإلهام الناس من جميع الأعمار والتقريب فيما بينهم من خلال رغبتهم المشتركة للاحتفال بالطيور المهاجرة وتوحيد الجهود العالمية لحماية الطيور والموائل التي تحتاجها للبقاء على قيد الحياة.
وأوضحت الأمم المتحدة أنه خلال الجائحة استمرت ملايير الطيور المهاجرة في الغناء والطيران والتحليق بين مواقع تكاثرها وكان عدد كبير من الناس في جميع أنحاء العالم يستمعون إلى الطيور ويراقبونها فبالنسبة للعديد من الأشخاص حول العالم، كانت أصوات الطيور مصدرا للراحة والفرح أثناء الوباء، حيث ربطت الناس ببعضهم البعض وبالطبيعة أثناء بقائهم في منازلهم.
واعتبرت الأمم المتحدة أن الطيور المهاجرة تعد سفراء عالميين للطبيعة، فهي لا تربط أماكن مختلفة عبر الكوكب فحسب، بل تعيد أيضا ربط الناس بالطبيعة وبأنفسهم أيضا، أنه رغم أن الوباء شكل تحديا غير مسبوق للبشرية، فقد مكن في الوقت نفسه، من جلب مستوى جديد تماما من الوعي والتقدير للطيور وأهمية الطبيعة لرفاهية الإنسان، معتبرا أن اليوم العالمي للطيور المهاجرة ليس مجرد احتفال بالطيور، بل هو أيضا لحظة مهمة للتفكير في علاقتنا العالمية مع الطبيعة وإبراز رغبتنا الجماعية في بذل المزيد من الجهد لحماية الطيور والطبيعة في عالم ما بعد الجائحة.
وأكدت منظمة الأمم المتحدة أن الطيور المهاجرة تحلق لمئات وآلاف الكيلومترات، على طول طرق تاريخية، للعثور على أفضل الظروف البيئية والموائل المتاحة لتغذية وتربية صغارها، وتتضمن هذه الرحلات المحفوفة بالمخاطر مجموعة واسعة ومتنوعة من التهديدات.
وأوضحت الأمم المتحدة أنه من بين 11 ألف نوع من الطيور على الكوكب، يهاجر واحد من بين كل خمسة طيور، محذرة من أن 40 في المائة منها في انخفاض، في حين يتعرض 80 في المائة لخطر الانقراض العالمي، مبرزة أن التهديدات الرئيسية تشمل ضياع الموائل وتدهورها بسبب التنمية الزراعية والساحلية، والاصطدام بطواحين الهواء التي وضعت بشكل سيئ في طريقها وأسلاك الكهرباء، والصيد غير القانوني.
وهكذا فإن الطيور المهاجرة أثناء قيامها برحلاتها حول العالم، لا تسترعي أنظار واهتمام الهواة ممن يراقبون الطيور فحسب، بل تساعد أيضا الكوكب في الحفاظ على توازنه البيئي الأساسي، وتذكرنا بأهمية العمل معا، لحمايتها والحفاظ عليها
ولكن ماذا عن تلك الطيور المهاجرة؟ ومن أين، وإلى أين تهاجر؟ وما أسباب هجرتها؟ وما سبب الاحتفال؟ كل هذه الأسئلة أحاول الإجابة عنها من خلال هذه السطور:
الطيور المهاجرة، تلك التي اعتادت إما على الهجرة اليومية، وإما الهجرة الموسمية التي تحدث مرتين في العام، وهي مرتبطة بالتغييرات في درجة الحرارة، أو مستوى هطول الأمطار. وتقوم أغلبية الطيور والثدييات المدارية بالهجرات المحلية، فتهاجر إلى الأماكن الأكثر رطوبة أوقات الجفاف، وتعود إلى ديارها الأصلية مع بداية موسم الأمطار، قاطعة مسافات هائلة، تصل إلى 50 ألف كم في السنة، والبعض يستمر في الطيران من دون انقطاع، لمدة تصل إلى 100 ساعة بلا طعام أو ماء.
وتستعمل الحيوانات المهاجرة أكثر من بوصلة في تحديد اتجاهاتها أثناء الهجرة، فيهتدي بعض منها بالشمس نهاراً والنجوم ليلاً، ويعتقد كثير من علماء الأحياء، أنها تستعمل المجال المغنطيسي للأرض في تحديد مسارها في الأيام والليالي الملبدة بالغيوم. وأثبتت التجارب التي أجريت على العصافير الدورية، والحمام الزاجل، وقصاص الماء، وجود الملاحة لدى الحيوانات المهاجرة، حيث اصطاد العلماء تلك الطيور من مواقع معينة وأخذوها إلى مناطق أخرى تبعد آلاف الكيلومترات عن أماكنها الطبيعية، فتمكنت أغلبيتها من العودة إلى الأماكن نفسها، التي اصطادها العلماء منها.
وتتعرض كثير من هذه الطيور المهاجرة إلى الصيد الجائر، الذي هدد أعدادها بشكل ملحوظ وجعلها معرضة لخطر الإنقراض، وقد تعاهدت دول العالم من خلال مواثيق ومعاهدات، على حماية المهددة منها بالانقراض، ومنع الصيد، ومعالجة من يتعرض منها لأذى أو إصابات، وتربيتها في محميات طبيعية، لها الموائل نفسها، إلى حين قرارها بالهجرة إلى موطنها الأصلي، إن أرادت.
ومن بين الاتفاقيات الموقعة بين الدول الإفريقية والأوربية والآسيوية، اتفاقية AEWA، وهناك اتفاقيات إطارية بين دول إقليمية، مثل اتفاقية المحافظة على الحياة الفطرية ومواطنها الطبيعية، في دول مجلس التعاون، التي تهدف إلى المحافظة على النظم البيئية وعلى الحياة الفطرية في حالة سليمة متنامية، خاصة الأنواع المهددة بالانقراض، ولاسيما عند انتشار هذه الأنواع عبر الحدود الدولية، لدولتين جارتين أو أكثر، أو حيثما تهاجر هذه الأنواع عبر تلك الدول.