متابعة | اميرة عبد الله ومحمد جادو
قالت دكتورة فاطمة الرذاذ فى كلمتها التى ألقتها نيابة عن المهندس محمد السويدى رئيس اتحاد الصناعات أن تحقيق التنمية المستدامة بما تشمله من القضاء على الفقر، وتحسين الصحة، وضمان التعليم للجميع، والحفاظ على البيئة والتخفيف من آثار تغير المناخ يتطلب الكثير من المال الذى يصعب على الحكومات توفيره، كما أنه يصعب تصور أن الفجوة يمكن أن تغلق بواسطة المساعدات الإنمائية، ولذلك فإن كافة أطراف الإنتاج والشركاء الاجتماعيين مطالبين بالتفكير والتخطيط المشترك لمواجهة هذا التحدى الكبير.
جاء ذلك خلال ورشة العمل الوطنية حول القطاع الخاص ودوره فى التنمية المستدامة التى نظمتها العمل العربية اليوم.
أضافت أنه يمكن القول هنا أن كل طرف من الشركاء الاجتماعيين لديه ما يمكن أن يسهم به فى مجابهة هذا التحدى، فدور أصحاب الأعمال فى القطاع الخاص يجب أن يتجاوز الدور التقليدى فى تحقيق التنمية والذى يقتصر على المساهمة فى النمو الاقتصادى وخلق فرص العمل، والإيرادات الضريبية بحيث يقوم القطاع الخاص بدور أوسع وأكثر تكاملا فى جدول أعمال التنمية، ويمكن أن يصبح القطاع الخاص ممولا للاقتصادات النامية كما يمكن أن يلعب دورا هاما باعتباره منفذا يترجم الأرباح إلى نمو اقتصادى مستدام، وإلى اندماج اجتماعى، وحماية للبيئة. إلا أنه حتى يمكن أن يقوم بهذا الدور فإنه يحتاج إلى أن توفر المؤسسات المالية حوافز إيجابية للشركات التى تدمج الاستدامة ومعايير الأداء البيئى والاجتماعى والإدارى فى نماذج الأعمال الأساسية من خلال تخصيص الأصول وفقا لذلك. وهو ما من شأنه تعزيز التقدم على المدى الطويل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
أكدت الرذاذ أنه ينبغى الأخذ فى الاعتبار أن المنشآت الكبيرة هى التى ستكون لديها القدرة ويقع عليها المسئولية الكبرى فى تقديم نموذج الشركات التى تتبنى نهج التنمية المستدامة ثم بعد ذلك تسترشد المنشآت المتوسطة والصغيرة بها فى ضوء ما يتحقق من نجاحات.
وفى هذا الإطار ينبغى أن ننوه عن بعض المبادرات التى قام بها اتحاد الصناعات المصرية لتعزيز مفهوم التنمية المستدامة على مستوى المنشآت.
أوضحت أنه اتحاد الصناعات المصرية بإنشاء مكتب الالتزام البيئى والتنمية المستدامة لتقديم الاستشارات للمنشآت الصناعية وتدريب الكوادر وعمل دراسات تقييم الأثر البيئى والتعريف بتكنولوجيا الإنتاج الأنظف وتوفير إطار تمويلى لاقتنائها بسعر فائدة 2.5%، وكذلك الاستشارات والمساعدات فى مجال ترشيد استهلاك الطاقة مشيرة الى أن اتحاد الصناعات المصرية أنشأ وحدة المرأة فى العمل والتى تهدف لتعزيز دور المرأة فى العمل سواء من خلال رائدات الأعمال أو المرأة كمدير تنفيذى بالمنشآت أو المنشآت كثيفة الاستخدام للفتيات.
أكدت أنه فى ضوء حرص الاتحاد على المسئولية الاجتماعية للشركات، أنشأ اتحاد الصناعات المصرية وحدة للمسئولية الاجتماعية ضمن هيكله التنظيمى، كما يعقد الاتحاد مؤتمرا سنويا للمسئولية الاجتماعية وعلى مدار ثلاثة سنوات وكان المؤتمر الأخير له فى إبريل الماضى بالتعاون مع منظمة العمل الدولية تحت عنوان (أثر مبادرات المسئولية الاجتماعية للشركات على تعزيز تنافسية الاقتصاد المصرى).
وأنشأ أيضا اتحاد الصناعات المصرية غرفة للصناعات الحرفية لتعزيز المبادرات الريادية والمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر التى تقوم بتعظيم استخدام الموارد المحلية وتضيف لسلاسل القيمة من خلال إعادة تدوير بعض المخلفات الصلبة واستخدامها كمواد إنتاج فى بعض الصناعات الحرفية ومنها بودرة الرخام لإنتاج مجسمات وتحف فرعونية وبلاطات أرضيات.
ومن خلال غرفة التطوير العقارى باتحاد الصناعات يقوم الاتحاد والغرفة بعقد ورش عمل عن نظم البناء والتصميمات الصديقة للبيئة والتى من شأنها تحقيق ترشيد استهلاك الطاقة.
أوضحت أن كل ما سبق هى أمثلة لمبادرات قام بها الاتحاد وليست على سبيل الحصر إيمانا من الاتحاد بأن قضية التنمية المستدامة هى قضية أخلاقية قبل أن تكون تنموية أو اقتصادية.
قالت دكتورة فاطمة الرذاذ أن للحكومة دور لتعزيز المسئولية الاجتماعية للشركات لتحقيق التنمية المستدامة وذلك من خلال:
- توفير مناخ ملائم لقيام الشركات بنشاطها ومواجهة تحديات المنافسة المحلية والعالمية.
- إعطاء القدوة الحسنة للقطاع الخاص من خلال الإفصاح والإعلان بشفافية عن سياسات الحكومة المختلفة وتوفير المعلومات وإتاحتها وتحسين نظم الحوكمة فى الهيئات والإدارات الحكومية المختلفة وتشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
- تشجيع الشركات على التزامها بمسئولياتها الاجتماعية تجاه مختلف أصحاب المصالح من خلال الحوافز الضريبية والامتيازات الخاصة بالمناقصات الحكومية لفترة محددة وربطها بتحقيق أهداف اجتماعية بعينها.
أضافت أن العمال ونقاباتهم هم شركاء أساسيون عليهم أيضا دور مكمل لدور أصحاب الأعمال والحكومة ولا يقل عنه أهمية، فبدون العنصر البشرى لا مجال لتطبيقات تكنولوجية حديثة، وبدون التعليم والتدريب، لا يمكن الحديث عن نظم عمل وإنتاج صديقة للبيئة، وبدون مبادرات ابتكارية وريادية جريئة فى مجال إعادة تدوير المخلفات واستخدامها لزيادة القيمة المضافة ستظل هناك تحديات بيئية تستنزف الموارد فى معالجتها.
استكملت: لا يفوتنا دور الإعلام فى نشر المسئولية الاجتماعية وتحديات تحقيق التنمية المستدامة، والإعلان عن الجهود المبذولة لبناء النموذج وتقديم القدوة.
وفى نهاية الكلمة أكدت الحديث عن التنمية المستدامة وتحدياتها حديث يستحق منا الكثير من الوقت، فالمسئولية جماعية تعنى بها كل مكونات المجتمع، وتأتى هذه الورشة بدعوة كريمة من منظم العمل العربي كخطوة هامة على الطريق فى هذا المضمار الطويل، فالشكر كل الشكر لمن وجه الدعوة وجمعنا فى هذا المكان برعاية كريمة منه، والشكر لمن لبى الدعوة من الشركاء الاجتماعيين قيادات ومشاركين، وأتمنى لكم عملا موفقا وأن تخرج ورشة العمل بعد ثلاثة أيام بتوصيات جيدة وقابلة للتحقيق.