خلال اجتماعها الدورى اقامت لجنة شباب العمال برئاسة هشام جلال عضو المجلس التنفيذى للاتحاد العام لنقابات عمال مصر ندوة متخصصة تحت عنوان الهجرة ما بين الشرعية والغير الشرعية.
أكدت الدكتورة سهام احمد عبد الكريم المثقف العمالى والمحاضر الدولى أن ما بين ما هو شرعى وغير شرعى “كلمة غير” تضع هذه الكلمة فى معانيها احلام وامال واحزان وحياة تنتهى بشباب لا ذنب لهم غير السعى وراء تحقيق الاحلام.
أوضحت انه لفهم ظاهرة الهجرة غير الشرعية التي أصبحت تقلق بال الدول النامية كان ولابد من التقصي والوقوف على اسبابها والتي يمكن تلخيصها في ثلاثة عوامل رئيسية: الاقتصادية، والمحفزة والنداء.
العوامل الاقتصادية
التباين في المستوى الاقتصادي: يتجلى التباين في المستوى الاقتصادي بصورة واضحة بين الدول المرسلة والدول المستقبلة، هذا التباين هو نتيجة لتذبذب وتيرة التنمية في هذه البلاد التي لازالت تعتمد أساسا في إقتصاداتها على أعمال ومهن فنية ومسميات وظيفية لم تتماشى مع متطلبات سوق العمل الحديث مما أدى إلى حالة من حالات عدم الاستقرار فى التنمية نظرا لارتباطها بأحوال السوق الدولية.
اضافت بان البطالة تمس عددا كبيرا من السكان وخاصة منهم الشباب والحاصلين على مؤهلات جامعية وعلمية متقدمة وعدم وجود فرص عمل وبيئة عمل صالحة أدى إلى “النزوح إلى الهجرة” خاصة في شكلها غير القانوني.
اشارت إلى انه ومن أجل الحد من هذه الظاهرة، فإن ذلك يقتضي تنمية فاعلة ومستدامة قادرة على خلق حوالي مليون فرصة عمل سنويا.
من جهته أوضح هشام جلال رئيس اللجنة ان العالم الفرنسي ألفريد صوفي قد اوضح ان إشكالية الهجرة تتمثل فى “إما أن ترحل الثروات حيث يوجد البشر وإما أن يرحل البشر حيث توجد الثروات”، ومن انعكاسات ظاهرة البطالة زيادة حجم الفقر والتفاوت فى الأجور كان ولا زال عاملا للتحفيز على الهجرة. ولكن إذا كانت الظروف الاقتصادية تشكل عوامل أساسية في التحفيز نحو اتخاذ قرار الهجرة غير الشرعية فهناك عوامل اجتماعية ونفسية وهى العوامل المحفزة التى تدفع بالشباب إلى تجارة الموت.
أضاف جلال أن من اسباب السعى وراء الهجرة تتجلى في ثلاث عوامل:
صورة النجاح الاجتماعى:
الذي يظهره المهاجر عند عودته إلى بلده لقضاء العطلة، حيث يتفانى في إبراز مظاهر الغنى: سيارة، هدايا، استثمار في العقار الخ…. وكلها مظاهر تغذيها وسائل الإعلام المرئية.
آثار الإعلام المرئي:
فالثورة الإعلامية التي يعرفها العالم جعلت السكان حتى الفقراء منهم يستطيعون اقتناء الهوائيات التي تمكنهم من العيش عبر مئات القنوات في عالم سحري يزرع فيهم الرغبة في الهجرة.
القرب الجغرافي:
فأوروبا لا تبعد عن الشاطئ المصرى كثيرا .
وأضافت د. سهام عبد الكريم ان من اهم عناصر الهجرة غير الشرعية عامل النداء حيث إن حلم الهجرة هو نتاج الممنوع، وهو رد فعل أمام غلق الأبواب أمام الهجرة الشرعية والسياسة التي تبنتها أوروبا في هذا المجال والتي كانت لها آثار عكسية حيث أججت من وتيرة الهجرة السرية وجعلت كلفتها باهظة بالنسبة للمرشح للهجرة.
وهكذا أصبحت الهجرة مشروعا مكلفا واستثمارا يقتضي تعبئة مصادر للتمويل من أجل تحقيقه من ديون ومن بيع للأرض والممتلكات… إلخ هذا ما يفسر كيفية إقبال المهاجر غير الشرعي على أي عمل مهما كان مذلا وصعبا لأنه في كل الحالات لا يقبل أن يرجع خاوي الوفاض.
والذى يؤكد هنا إلى وجود طلب نوعي على العمل في دول الاستقبال، هذا الطلب يستجيب وفقا لمعايير كلفة تشغيل العامل ومرونته في قبول أعمال صعبة حسب احتياجات سوق العمل وغالبا ما تكون هذه الأعمال مؤقتة ومنبوذة اجتماعيا. هذا الطلب يصدر أساسا عن قطاعات كالفلاحة والبناء والخدمات وصيد الاسماك والأعمال التى ترتبط بالأمن والأمان والتى لها أضرار على الصحة، وتحصل هذه القطاعات على امتيازات مالية واجتماعية بتوظيف هذه اليد العاملة التي تتميز بكونها طيعة وغير مكلفة فضلا عن وجود منظمات مجتمع مدنى داخل الدول المستقبله تعمل على تقنين وضع العمالة الغير شرعية، ورغم ذلك “يظل الجزاء القانوني حتى الآن، ورغم القوانين الصادرة للحد من الهجرة غير الشرعية، دون حد رادع لأصحاب العمل عن استغلال اليد العاملة غير الشرعية”.
وقد أدت جدلية الرفض القانوني والطلب الاقتصادي إلى إنعاش ما يمكن تسميته بـ”تجارة الأوهام”، وقد تكونت شبكات منظمة في مختلف مناطق مرور المهاجرين السريين لتقدم خدماتها إلى الراغبين والخلاصة أن محددات الهجرة كثيرة ومتباينة وأن الإجراءات القانونية لدول الاستقبال لا يمكن أن تكون فاعلة إلا بالتنسيق بين دول الارسال من خلال فتح قنوات شرعية يستطيع من خلالها التخلص من الهجرة الغير شرعية إلى الهجرة الشرعية وخلق فرص عمل للتشغيل الخارجى داخل الإطار القانونى والعمل على تشديد الرقابة على المياه الإقليمية كما يحدث فى الحدود الصحراوية حيث مثل هذه القضايا من أهم القضايا التي تهم الأمن القومى المصرى والعربى.
حضر الندوة المهندس عبد الرحيم المرسى نائب رئيس مجلس إدارة شعبة التوظيف بالخارج بالغرفة التجارية والذى أكد على ضرورة مكافحة هذه الظاهرة من خلال فتح قنوات شرعية مع الدول الخارجية وتشديد الرقابة على المنافذ الحدودية الساحلية والعمل على تأهيل الشباب لمتطلبات سوق العمل وتشديد العقوبات على هولاء التجار.
تاتى هذه الندوة ضمن فاعليات خطة عمل لجنة شباب العمال بالاتحاد العام لنقابات عمال مصر وتوجيهات النائب جبالى المراغى رئيس الاتحاد العام ورئيس لجنة القوى العاملة بالبرلمان المصرى بضرورة الاهتمام بكافة القضايا التى تتعلق بشباب العمال وعلى رأسها الهجرة غير الشرعية وذلك من خلال برامج التثقيف والتدريب والتأهيل.