نساء رائدات .. “لطفية النادى”

لطفية النادي هي إحدى الرائدات المصريات، وُلدت عام 1907، و تعد أول امرأة تحصل علىإجازة الطيران في عام 1933، وكان رقمها 34 أي لم يتخرج قبلها على مستوى المملكة المصرية سوى 33 طيارًا فقط جميعهم من الرجال، وبذلك تصبح أول فتاة مصرية عربية أفريقية تحصل على هذه الإجازة. وعلاوة على ذلك، تعد لطفية أول امرأة مصرية تقود طائرة بين القاهرة والإسكندرية، وثاني امرأة في العالم تقود طائرة منفردة؛ إذ تمكنت من الطيران بمفردها بعد ثلاث عشرة ساعة من الطيران المزدوج مع مستر كارول، كبير معلمى الطيران بالمدرسة في مطار الماظة، فتعلمت في 67 يومًا. وقد تلقت الصحافة الدعوة لحضور الاختبار العملى لأول طيارة «كابتن» مصرية في أكتوبر 1933.

نشأتها:

لطفية النادي من مواليد 29 أكتوبر 1907، كان والدها يعمل بالمطبعة الأميرية وكان يرى أن الدراسة للبنت يجب ألا تتعدى بالمرحلة الابتدائية بعكس الأم التي رأت أن تعليم الفتاة ضرورة حتى نهاية المطاف لأن الأم هي مصنع الرجال.

التحقت لطفية «بالأمريكان كولدج» وقرأت في يوم من الأيام عن الطيران وتشجيع الفتاة المصرية لدخول هذا المجال، كانت مدرسة الطيران وقتها في أوائل نشأتها عام 1932 وكل الذي يلتحق بها من الرجال فقط، فكرت «لطفية» لماذا لا تلتحق بالدراسة فيها!

رفض والد لطفية أفكارها لتعلم الطيران، ولم تكن تملك نقودًا. وبإصرار وبحث عن البدائل لجأت إلى كمال علوي، مدير عام مصر للطيران آنذاك، وعندها فكّر بالأمر وطلب منها أن تعمل في مدرسة الطيران وبمرتب الوظيفة يمكنها سداد المصروفات.

وافقت لطفية على ذلك وعملت سكرتيرة بمدرسة الطيران، وكانت تحضر دروس الطيران مرتين أسبوعيًا دون علم والدها، تعلمت الطيران مع زملاء لها على يد مدربين مصريين وإنجليز في مطار ألماظة بمصر الجديدة، وكانت الشابة الوحيدة بينهم، وحظيت باحترامهم وتقديرهم. وفى الوقت نفسه، كانت تعمل في مطار ألماظة بغرض الحصول على المال لتمويل تعلمها الطيران.

لجأت لطفية إلى الكاتب الصحفي الراحل أحمد الصاوي صاحب العمود الصحفي الشهير «ما قل ودل» والذى كان ينشر بجريدة الأهرام، وقالت له: “عاوزة اتعلم طيران”. كان رد الصاوي: “أنتي لسه صغيرة، ولازم موافقة أهلك”. وما كان منها إلا أن أحضرت والدتها، وقالت الوالدة: “إن التحاق لطفية مشروط بعدم دفع مليم واحد للدراسة لأن والدها إن علم بالأمر، أو حدث لها أي مكروه هيقول أنت اللى قتلتيها”. سلكت لطفية كل الطرق ودقت كل الأبواب لتحقيق هدفها؛ إذ ذهبت لطفية إلى كمال علوي مدير عام مصر للطيران وقتها، وعرضت عليه الأمر ورحب بها بمدرسة الطيران لتكون فاتحة خير لالتحاق أُخريات؛ وفى نفس الوقت هي دعاية طيبة للمدرسة، وقال لها: “تعملين في المدرسة وبالمرتب تسددين المصروفات”. وبالفعل عينت عاملة تليفون وسكرتيرة بالمدرسة.

رحلتها مع الطيران:

حصولها على رخصة الطيران

[boxright]

لطفية النادى2
لطفية النادى وهى تقود الطائرة

[/boxright]

توجت مجهودات لطفية بحصولها على إجازة الطيران عام 1933، وكان رقمها 34؛ أي لم يتخرج قبلها على مستوى المملكة المصرية سوى 33 طيارًا فقط جميعهم من الرجال، وكانت بذلك أول فتاة مصرية عربية أفريقية تحصل على هذه الإجازة. عملت لطفية سكرتيرة بمدرسة الطيران وكانت تحضر دروس الطيران مرتين أسبوعيًا دون علم والدها إلى أن حصلت على إجازة «طيار أ» مدرب بتاريخ 27 سبتمبر 1933. وبذلك تكون هذه الفتاة الصغيرة الحالمة أول فتاة عربية أفريقية تحصل على هذه الإجازة وعمرها 26 ربيعًا؛ لتحقق بذلك حلمها بالطيران بمفردها، ونشرت الصحف هذا الخبر مع صور تم التقاطها لها مما أثار غضب والدها. وحتى تقوم بإرضاء والدها اصطحبته معها في الطائرة وحلقت به فوق القاهرة والأهرامات عدة مرات، ولما رأى جرأتها وشجاعتها ما لبث أن أصبح أكبر المشجعين لها. كان مدرسها ومعلمها «كارول الفرنسي» يعاملها كالطفلة وقالت عنه: “كان يخاف على جدا” وأضافت مقولته: “مش عاوز نفسك تتكبر بعد ما أصبحت أول فتاة مصرية تتعلم الطيران، لا تفعلى مثل إيمي جونسون التى تكبرت على والديها بعد ما أصبحت طيارة”.

الطيران بمفردها:

في عامها السادس والعشرين، كانت أول امرأة مصرية تقود طائرة بين القاهرة والإسكندرية، وثاني امرأة في العالم تقود طائرة منفردة، إذ تمكنت من الطيران بمفردها بعد ثلاث عشرة ساعة من الطيران المزدوج مع مستر كارول، كبير معلمى الطيران بالمدرسة، فتعلمت في 67 يوماً. وقد تلقت الصحافة الدعوة لحضور الاختبار العملي لأول طيارة «كابتن» مصرية في أكتوبر 1933.

ومن أجمل لحظات عمرها -على حد قولها- عندما أخذت والدها في الطائرة، وقادت به فوق القاهرة ثم ذهبت إلى الجيزة والتفت بالطائرة حول الأهرامات وأبي الهول، ولما رأى جرأتها و شجاعتها قام بتشجيعها واحتضانها.

مؤتمر الطيران الدولى:

قام نادي الطيران بدعوة مؤتمر الطيران الدولي للانعقاد في مصر ليناقش أحوال الطيران وقوانينه ولوائحه ثم يقوم بامتحان مهارات الطيار ومدي كفاءته واشترك في هذا السباق 62 طيارًا من مختلف الجنسيات بطائراتهم الخاصة وكان منهم مصريان: أحمد سالم ومحمد صادق. شاركت لطفية في الجزء الثاني من سباق الطيران الدولى وهو سباق سرعة بين القاهرة والأسكندرية، حيث بدأ السباق في 19 كانون الأول/ديسمبر 1933. خلال هذا السباق، تربعت لطفية على طائرة من طراز جيت موث الخفيفة بمحرك واحد و متوسط سرعة 100 ميل في الساعة، وكانت أول من وصل إلى نقطة النهاية رغم وجود طائرات أكثر منها سرعة. فازت لطفية النادى بالمركز الأول في سباق الأسكندرية ولكن تعسف لجنة التحكيم التي كان معظمها إنجليز سحبوا منها النتيجة بحجة أن الطائرة لم تمر إلا على خيمة واحدة في المكان المحدد للعودة من الأسكندرية والموجود خيمتان. كان الملك فؤاد منتظرًا النتيجة ليحزن عندما عرف بعدم تأهلها وقال لها: “هذه أول مرة يحدث في مصر هذا وأعطوها جـائزة شرف قدرها 200 جنيهًا مصريًا”. كذلك أرسلت لها هدى شعراوى برقية تهنئة تقول فيها: “شرّفت وطنكِ، ورفعت رأسنا، وتوجت نهضتنا بتاج الفخر، بارك الله فيكِ”.

مساندة “هدى شعراوى” لها:

تولت هدى شعراوى مشروع اكتتاب من أجل شراء طائرة خاصة للطفية، لتكون سفيرة لبنات مصر في البلاد التي تمر بأجوائها أو تنزل بها، وتبين للجميع مقدرة المرأة المصرية على خوض جميع المجالات. وكانت قد فتحت الباب لبنات جنسها لخوض التجربة فلحقت بها دينا الصاوي، وزهرة رجب، ونفيسة الغمراوي، ولندا مسعود أول معلمة طيران مصرية، وبلانش فتوش، وعزيزة محرم، وعايدة تكلا، وليلى مسعود، وعائشة عبد المقصود، وقدرية طليمات؛ ثم أحجمت فتيات مصر عن الطيران بصفة نهائية فلم تدخل مجال الطيران فتاة مصرية منذ عام 1945. وهكذا توالت إنجازات كابتن لطفية، أول كابتن طيار مصرية إلى أن تقاعدت عن الطيران وعينت بمنصب سكرتير عام نادى الطيران المصري، بعدما ساهمت في تأسيسه، و إدارته بكفاءة عالية إلى أن هاجرت إلى سويسرا.

علاقتها بـ “إيميليا إيرهارت”:

أما عن علاقتها بأول طيارة في العالم الأمريكية “أميليا إيرهارت”، فصحيح أنهما لم يلتقيا وجهاً لوجه لكن جمعتهما صداقة المراسلات حيث كانا يبعثان لبعضهما بالخطابات يتحدثان عن مغامراتهما في رحلاتهما.

[boxleft]

لطفية النادى3
طلعت حرب و هدى شعراوى في 15 أكتوبر 1933 بمطار ألماظة في حفل تكريم لطيفة النادى (والتى يظهر وجهها في الصورة بين طلعت باشا و هدى هانم) كأول طيارة مصرية

[/boxleft]

إنجازات متوالية:

لم تتوقف لطفية عن المشاركة في مسابقات الطيران، وكان من بينها سباق دولي أقيم في مصر عام 1937 من القاهرة إلى الواحات اشترك فيها 14 طيارًا و طيارة من مختلف جنسيات العالم، وجاء ترتيب لطفية في المرتبة “الثالثة” بين السيدات المشتركات.

الوفاة:

يذكر إلى أن لطفية لم تتزوج قط، وأنها عاشت جزءًا كبيرًا من حياتها في سويسرا حيث منحت الجنسية السويسرية تكريمًا لها، وتوفيت عن عمر يناهز الخامسة والتسعين في القاهرة عام 2002.

احتفاء:

في عام 1996 تم إنتاج فيلم وثائقي تناول قصة كفاح لطفية النادى بعنوان «الإقلاع من الرمل»، من إخراج وجيه جورج. وفي هذا الفيلم سُئلت عن السبب الحقيقى وراء رغبتها في الطيران، فقالت أنها كانت تريد أن تكون حرة. وفي عام 1997، حصل الفيلم على الجائزة الأولى للمجلس الأعلى للثقافة في سويسرا، وفي 2014 أحتفى جوجل في نسخته العربية بوضع صورتها على صفحته الرئيسية في ذكرى مولدها.

المصدر | ويكيبيديا