عبدالسلام الصديقي: ابتداء من السنة المقبلة سيتلقى جميع الأشخاص الذين فقدوا عملهم، تعويضا من طرف الدولة شريطة توفر الشروط التي حددها القانون.
خطى المغرب خطوة نوعية جديدة بإقرار “قانون التعويض عن فقدان الشغل” الذي سيصبح نافذ المفعول، اعتبارا من مطلع ديسمبر المقبل، لتدخل حقوق العمال مرحلة جديدة في ظل الانتعاش الاقتصادي ونهضة الإصلاحات الاقتصادية التي تشهدها البلاد.
قال وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية المغربي عبدالسلام الصديقي في حوار مع “العرب”: إن قانون التعويض عن فقدان الشغل، يمثل نقلة نوعية جديدة لحماية وتعزيز حقوق العمال المغاربة.
وأضاف، أن القانون أصبح جاهزا لدخول حيّز التنفيذ مطلع ديسمبر المقبل بعد المصادقة عليه من قبل غرفتي البرلمان المغربي ونشره في الجريدة الرسمية.
وأوضح أنه ابتداء من السنة المقبلة سيتلقى جميع الأشخاص، الذين فقدوا عملهم، تعويضا من طرف الدولة شريطة أن تتوفر فيهم الشروط التي حددها القانون.
وقال الصديقي إن القانون مر برحلة طويلة من أجل المصادقة عليه بسبب تباين مواقف الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين حول التمويل وصيغة المشروع المقدم، التي كانت تحصر التعويض في فقدان الأجير لعمله لأسباب اقتصادية وتكنولوجية أو هيكلية. وأكد أن الصيغة الجديدة تعطي الحق في التعويض عن فقدان الشغل لأي سبب من الأسباب.
وكان المشروع قد أحيل في عام 2012 إلى المجلس الإداري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لدراسة جوانبه التقنية ومناقشته من طرف لجنة التسيير والدراسات، بعد إقراره من قبل المشاركين في الحوار الاجتماعي.
وأسفرت الدراسة، بحسب الوزير على تحديد نسبة الاشتراكات عند 0.57 في المئة من الأجر الإجمالي، يدفع العامل ثلثها، ويترتب على أصحاب العمل دفع البقية. وتساهم الدولة بتقديم 250 مليون درهم كمساهمة أولى من أجل إطلاق المشروع.
وكشف الوزير أنه تم الاتفاق على مراجعة النظام بعد مرور عامين من بدء تطبيقه لتقييم مساهمة جميع الأطراف من أصحاب العمل إلى العاملين وصولا إلى مساهمة الدولة لموازنة النظام وتطويره.
وقدمت وزارة التشغيل عرضا يقضي بمضاعفة مساهمة الدولة في المشروع إلى 500 مليون، يتم دفع نصفها في السنة الأولى، ويصرف النصف الآخر عند الحاجة موزعة إلى 125 مليونا في السنة الثانية ومثلها في السنة الثالثة.
وتساءلت “العرب” عن مدى كفاية تخصيص 72 مليون درهم لتغطية تعويضات فقدان الشغل؟، فأجاب الوزير بأن المشروع تمت دراسته من قبل صندوق الضمان الاجتماعي، الذي حدد نسبة الاشتراكات، وأن إعادة التقييم بعد عامين ستضمن تطوير النظام على المدى البعيد.
أما بشأن المعايير التي حددت على أساسها الحكومة مبلغ 35 مليون درهم للتعويض عن فقدان الشغل، فقد أكد الوزير أنه تم تحديد المبلغ بناء على مناقشة ودراسة المشروع من طرف لجنة التسيير والدراسات التابعة لصندوق الضمان الاجتماعي.
وعلّق الوزير على مدى واقعية وموضوعية شروط الاستفادة من التعويضات، قائلا إن أي نظام يتعلق بالحماية الاجتماعية يقوم على أساس الديمومة والاستمرارية، على اعتبار أن تمويله يقوم به العاملون وأصحاب العمل، لكن الدولة قامت بطريقة استثنائية بدعم هذا النظام في مرحلة الانطلاق.
وقال أيضا، إنه لابد من وضع شروط تراعي دخل العمال وظروف الشركات، ولكنه في المقابل ينبغي أن تضمن استمرارية النظام.
وأكد الصديقي أنه تم تخفيف الشروط من خلال شمول العامل بالتعويض، مهما كانت أسباب فقدانه للعمل، باستثناء ارتكابه لخطأ جسيم أو الاستقالة.
ومضى وزير التشغيل إلى التأكيد على أن الأهداف المرجوة من قانون التعويض عن فقدان الشغل، اجتماعية، وأنه جاء تفعيلا للبرنامج الحكومي الذي يهدف إلى تعزيز وتطوير آليات الحماية الاجتماعية للعاملين، وأخذا بعين الاعتبار مقتضيات اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 102 حول الضمان الاجتماعي.
وأضاف أن الهدف الاجتماعي الأساسي لهذا التعويض هو ضمان حد أدنى من الدخل للعامل الذي فقد شغله بطريقة مفاجئة ووجد نفسه محروما من أي مورد، ممّا سيجنبه الوقوع تحت طائلة الحاجة والفقر.
وأكد الوزير أن القانون ينص على عدم حرمان الأجير المستفيد من هذا التعويض من التغطية الصحية، بعد أن كان يفقد تلك التغطية عند فقدانه للعمل قبل صدور القانون.
وأضاف أن هذا القانون يهدف إلى مصاحبة فاقد الشغل من أجل إعادة إدماجه في سوق الشغل، وذلك عن طريق خضوعه للتدريب والتأهيل من طرف الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات ومكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، ممّا سيحد من تفاقم نسبة البطالة.
وتؤكد المؤسسات الدولية أن المغرب أحرز تقدما كبيرا منذ عام 2000 في مجال الإصلاحات الاقتصادية وتطوير القوانين والتشريعات.
وقال البنك الدولي في أغسطس الماضي، إن المغرب يملك فرصة حقيقية لتعزيز رأس المال المؤسساتي والحكامة الاقتصادية وخلق شروط مجتمع منفتح من أجل اقتصاد أكثر ازدهارا وإدماجا وصلابة.
وأكد أن الثروة الحقيقية للفرد في المغرب تفوق المتوسط المسجل في معظم بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتنافس المعدل المسجل في البلدان متوسطة الدخل.
وأصبح المغرب أحد أبرز الملاذات الآمنة للاستثمارات العالمية، حيث تتدفق عليه الاستثمارات في كافة القطاعات الصناعية والتجارية. كما تمكن بفضل ذلك من أن يصبح بوابة لا غنى عنها للاستثمار في قارة أفريقيا.
وتركز معظم القوى الاقتصادية العالمية مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان والصين وكندا جهودها في مشاريع التنمية الأفريقية من خلال التنسيق مع المغرب.
المصدر | العرب