أخيراً أغلق مجلس إدارة منظمة العمل الدولية في دورته (320) ملف العمال المفصولين، وتم شطب القضية واستبعادها نهائياً عن المنظمة، المفصولون (165 عمال) الذين تغيبوا عن أعمالهم كان بسبب الدعوة التي أطلقها الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين قبل فرض السلامة الوطنية في 15 مارس عام2011م، فقد خرج بعض العمال من أعمالهم، وهاموا بالشوارع والطرقات والدوارات بسبب تلك الدعوة التي كانت استجابة لقضايا سياسية وليست عمالية، فقد تأثرت الكثير من المؤسسات والشركات بسبب تغيب أولئك العمال عن أعمالهم، وتكبدت على إثرها الكثير من الخسائر!.
لقد استجابت منظمة العمل الدولي أخيراً لمطالب الأطراف الثلاثة الرئيسية في القضية العمالية (وزارة العمل وغرفة تجارة وصناعة البحرين والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين)، فقد أكدت تلك الأطراف على رغبتها الأكيدة لإغلاق الملف نهائياً، فتلك القضية شغلت الرأي العام لسنوات حين تقطعت أرزاق أولئك العمال وعائلاتهم بسبب الدعوة للإضراب، وتحملت الحكومة مسؤولية إرجاعهم، فقد استطاعت الحكومة من تسوية الكثير من القضايا العمالية، وأرجعت الكثير من العمال إلى وظائفهم بعد مناشدة سمو رئيس مجلس الوزراء للكثير من الشركات لإرجاعهم، والتغاضي عن مخالفاتهم مراعاة لظروفهم المعيشية، فقد جاء توافق الأطراف الثلاثة لتسوية الملف والانتهاء من القضية بعد سنوات، فقد أثبتت حكومة البحرين على أنها قادرة على معالجة القضايا العمالية بالحوار الهادئ بين شركاء العمل.
لا شك أن هناك أسئلة كثيرة تدور في خلد المتابعين للعمل النقابي والعمالي، وهو كيف استطاعت أطراف المعادلة العمالية من تسوية الملف دون ضوضاء أو عويل، والتوصل إلى صيغة توافقية ترضي جميع الأطراف؟، فقد راهنت بعض القوى السياسية على فشل التسوية، بل سعت بعض الجمعيات والقوى إلى تأزيم القضية وتدويلها للضغط على الحكومة، ولكن للأمانة فإن أطراف المعادلة العمالية استطاعوا فصلها عن الشأن السياسي، وإبعادها عن لهيب الصراع الدائر بين الجمعيات، لذا حققوا ذلك الإنجاز التاريخي الكبير في المسيرة العمالية!.
المتابع لملف المفصولين يرى بأن الحكومة قد استجابت بدءًا بتوصيات البرفسور بسيوني في تقريره الذي قدمه لجلالة الملك في 23 نوفمبر2011م، فقد سارعت الحكومة إلى إرجاع كل المفصولين في القطاع العام، وناشدت الشركات والمؤسسات بإعادة الآخرين، فالحكومة صفرت الملف منذ فترة إلا هذا العدد (165عمال) الذي وقع بين مطرقة وزارة العمال التي تطالبهم بالعودة وبين سندان الجمعيات الرافضة للتسوية، ففي قراءة بعض المحللين للقضية يرون بأن هناك قوى وجمعيات تسترزق من هذا الملف، في محاولة للضغط على الحكومة لمكاسب سياسية رغم أن الفصل كان بسبب مخالفات وظيفية وأبرزها التغيب عن العمل!.
الاتفاق بين قطاعات العمل الثلاث التي تبناها مجلس إدارة منظمة العمل الدولية في دورته الأخيرة جاء استجابة للدعوة الملكية السامية لجلالة الملك المفدى حمد بن عيسى آل خليفة حين ذكر بإنه (لا يرضيه بقاء عامل واحد خارج عمله أو أن يقطع رزقه)، فجلالة الملك كان ولا يزال قائد العملية الإصلاحية التي توافق عليها أبناء هذا الوطن في فبراير عام2001م، فما من مناسبة إلا ويشير إلى أهمية العناية بالمواطن في كل المواقع، وأبرزها القطاع العمالي، وكم آلمه فصل العمال من وظائفهم، لذا أكد في أكثر من مناسبة إلى السعي لإرجاع العمال إلى وظائفهم.
المؤسف أن بعض القوى السياسية تحاول استخدام العبارات المسيئة في القضية العمالية، فتنشر على صفحات مراكز التواصل الاجتماعي عبارات استفزازية ضد الحكومة، في محاولة تصوير الأمر على أنه انتصار لطرف على آخر، والحقيقة أنه انتصار للوطن للخروج من آثار المؤامرة التي تعرض لها الجميع في فبراير عام2011م.
من هنا فإن المسؤولية الوطنية تحتم على الجميع أخذ الدروس والعبر من الأحداث التي تعرض لها المجتمع، وأبرزها إبعاد القطاع العمالي عن الساحة السياسية، فالجميع يرى التوتر والاحتقان في الشأن السياسي، لذا يجب على كل عامل الاهتمام بمصدر رزقه، ومخاطبة البرفسور بسيوني بأن العمال البحرينين المفصولين قد عادوا إلى أعمالهم بعد إغلاق ملفهم نهائياً
المصدر | وكالة انباء عمال الخليج