صفحة الثقافة العمالية تقبل النقد والإضافة..
إعداد: محمد رزق
تنفيذ: محمد جادو
زمان أيام الثورة الصناعية كانت سيطرة رأس المال على سوق العمل فيها تفاوت شديد بني الطبقات، مما تسبب فى حرمان العمال من حقوقهم.. وقدام التعسف ده ظهرت حاجة العمال إلى التكتل والإضراب كوسيلة يدافعون بها عن مصالحهم لأن الوسائل اللى كانت متاحة فى ذلك الوقت لم تفلح فى تسوية المنازعات عشان أصحاب الأعمال كانوا بيتمتعوا بمركز اقتصادى قوى يمكنهم من فرض شروط جائرة وظالمة على العمال.
وجاهد العمال طويلا لإقرار حق الإضراب كوسيلة فعالة بامتلاكها كمصدر قوة يمكن إقامة نوع من التوازن بين مصالح العمال ومصالح أصحاب الأعمال وبمرور الوقت صار الإضراب وسيلة فعالة للدفاع عن المصالح المهنية.
المشكلة أن الإضراب بيوقف دولاب العمل … ويبقى مفيش إنتاج ومفيش أجر.. يعنى الثمن يدفعه الطرفان، وفى بعض الأحيان يدفع المجتمع الثمن هو الآخر، ولتفادى المشكلة وتقليل الخسائر نشأت فكرة البحث عن بدائل وخيارات أخرى تحقق المصالح المشتركة دون دفع ثمن كبير وباهظ، ومن خلال التجربة اكتشفت النقابات أن أهم هذه الخيارات هى المفاوضة الجماعية يعنى المفاوضة خرجت من رحم التصادم والصراع، هذا صحيح، ولكن يجب ألا ننسى أن توازن القوى بين أطراف التفاوض مسألة مهمة جدا لأنه لو مفيش ندية تتحول المسألة إلى إملاء شروط من طرف على طرف آخر من منطلق القوة أو تتحول المسألة إلى تقديم التماسات أو استسلام من الطرف الأضعف للطرف الأقوى عشان كده المنطق بيقول أن التوازن فى القوة بينجح المفاوضة ويدعم فكرة القبول بالبدائل المحترمة، ويؤكد أن لعبة المفاوضة الجماعية قائمة على التنازلات المشتركة.
لأن قواعد اللعبة لا تعترف بالحل الواحد ولا بالموقف الواحد المتشدد، حيث المطالب اللى بتعلن فى بداية أى مفاوضة سياسية كانت أو نقابية أو حتى عسكرية ليس هى ما يتوقعه أطراف التفاوض عند حدوث التسوية لأن مفتاح التفاوض المتعارف عليه يتحدد فى ثلاث نقاط مهمة:
1- ماذا تطلب: يعنى الحد الأقصى لطلباتك إيه؟
2- ما هى المبررات: يعنى كل طلب لازم يبقى له مبرر معقول.
3- ماذا تقبل: يعنى إيه الحد الأدنى اللى حتقبله حضرتك أقصد البديل إيه؟
وأديلك مثال:
لو اتفق مجلس إدارة اللجنة النقابية فى أى منشأة على المطالبة بصرف حوافز للعاملين…
الخطوة الأولى: تحديد النسبة ولتكن 30% مثلا.
الخطة الثانية: إيه المبررات لهذا الطلب وده من خلال دراسة لاقتصاديات المنشأة يعنى المبررات تكون مدروسة بشكل جيد وإن الطلب من غير مبررات تدعمه ينفع بس مع جمعية خيرية بتطلب منها إعانة.. إنما مع المنشأة أنت بتطلب حق والحق يلزمه مبررات.
الخطوة الثالثة: بيحدد مجلس إدارة اللجنة النقابةي الحد الأدنى اللى حيقبله وليكن 20% مثلا.. يعنى فيه فرق بين ما نطلبه فى البداية.. وما نقبله فى النهاية .. هي دى بالتأكيد قواعد اللعبة.
والمفاوضة فى هذا المثال تحتاج إلى أن تفوض النقابة فريقا يجرى عملية التفاوض، فى هذه الحالة الحرص واجب فى اختيار الفريق يعنى لازم يتم الاختيار على أسس موضوعية مفيش فيها أى مجاملة، وأعضاء الفريق يجب أن يتمتعوا:
– بقدر معقول من مهارة التفاوض.
– ويختارون من بين الأكثر علما بالموضوع.
– والأكثر فهما لزواياه المختلفة.
ورئيس الفريق يجب أن يكون:
– ديمقراطى غير متسلط.
– يؤمن بالعمل الجماعى.
– يفهم أهمية توزيع الأدوار على أفراد الفريق.
بحيث كل فرد يختص بزاوية من زوايا الموضوع يكون هو الأكثر فهما لها.
أفراد الفريق عليهم الالتزام بالقواعد التالية:
– لا تجاوز لقائد الفريق.
– لا حديث إلا بإشارة أو إيماءة أو حتى رفة رمش منه أو بطلب مباشر من قائد الفريق وإلا تحول الأمر إلى مكلمة.. الكل بيتكلم فى نفس واحد وتتوه القضية.. بس خلى بالك إن الواقع بيقول إن فيه مشكلتين دمهم تقيل فى الموضوع ده عند التطبيق.
المشكلة الأولى: إنه أحيانا بعد ربع ساعة فقط من انتهاء جلسة النقابة بيعرف المدير المسئول عن المنشأة عن طريق “العصفورة” خطة النقابة ويبدأ المفاوضة من 15%.
المشكلة التانية: إن النقابة لا تعمل على تجهيز القاعدة أو جماهيرها على قواعد اللعبة وده بيمثل خطورة على النقابة لما بتعلن الحد الأقصى الـ30% طبقا للمثال، وبتقبل الآخر 20% طبقا للقواعد بينظر إليها على أنها تهاونت أو خانت وتطلع أصوات تنادى بسحب الثقة منها.
ودول مشكلتين عايزين علاج وعلاجهم هو التوعية والتثقيف.
وعشان المفاوضة اتصالات تتم بين بشر بيكون الحوار هو اللى بيلعب الدور الأكبر فى عرض وجهات النظر المختلفة ومواجهة الحجة بالحجة عشان كده الكلمة اللى بتنقال على مائدة المفاوضات لازم تكون محسوبة وتكون حضرتك على استعداد تام وواخد المسألة بجدية والطرف الآخر لازم تكون مقدره ومش مستهين بيه.. وتكون أعصابك هادية.. وتسمع أكثر ما تتكلم ولما تتكلم وضح اللى انت قاصده بدقة وخليك واقعى وابعد عن الأمانى وركز على مصالحك مش على مواقف الآخرين.. لأن ده بيشغلك عن هدفك ومتنخدعش بالأمور اللى على السطح لأنه مفيش يأس فى عملية التفاوض حول الحقوق.. وتخللى بالك قوى من لغة التخاطب غير اللفظية زى الإشارة والإيماءة ولغة العيون لأنها من الممكن أن تنقل رسائل ورموز تعجز عنها الكلمات وتخللى بالك من المفتاح القيمى لشخصية الطرف الآخر على مائدة المفاوضات وتتعامل مع القيمة الأعلى لأن كل شخص فينا بيحمل مجموعة من القيم زى الدين والصدق والشرف والأمانة والجمال، وكل دى مداخل للشخصية ومفاتيح ممكن يستعملها المفاوض الماهر.
وخد كلمة “لأ” من الطرف الآخر على أنها ليست نهائية لأن فيه زوايا أخرى للموضوع المطروح ممكن الدخول منها ولما توصل لاتفاق نهائى إوعى تسيب الترابيزة من غير ما يبقى معاك نسخة مبدئية من الاتفاق.
والمفاوضة ممكن تكون صعبة وشرسة فى بعض القضايا بس متخوفش زى البعض ما بيعتقد لأنها ظاهرة طبيعية زى الميه والهوا.. الإنسان بيعرفها ويمارسها منذ نعومة أظفاره.
– التلميذ فى المدرسة الابتدائى.
بيفاوض نفسه يلبس إيه وهو رايح المدرسة وإيه الكتب اللى ياخدها.. ويا ترى إيه العذر اللى حيقوله عشان ما عملش الواجب وحيفاوض مامته فى نوع السندوتشات ووالده فى حجم المصروف.
واحنا كلنا فى حياتنا العملية طول النهار بنفاوض بعض بصورة تلقائية.. لكن لو تأملت بعمق للمسألة حتلاقى فيها فن ومهارة..
وحديلك مشهدين من واقع الحياة لناس مش شغلتهم المفاوضة، لكن بيمارسوها بشكل تلقائى ولكنه عميق وفعال…
المشهد الاول
منزل أسرة مصرية زوج وزوجة وابن فى الثانوية العامة يدور بينهم الحوارى التالى:
الابن: يا بابا لو سمحت أنا تعبت من المذاكرة وعايز أريح أعصابى وأجدد نشاطى ادينى 50 جنيه عشان أروح السيما مع صحابى.. “طلب مباشر وله مبررات”.
الأب رافضا: سيمة ايه يا حبيبى؟ ومذاكرتك.. انت ناسى إنك فى الثانوية العامة ولا ايه؟ وكمان عايز 50 جنيه.. أجيبلك منين؟ “رفض منطقى”.
الابن: إن كان على المذاكرة أنا بذاكر 4 ساعات كل يوم.. حعوض الساعات دى واذاكر نص ساعة زيادة كل يوم على الاربع ساعات.. “طرح بديل آخر”..
تتدخل الأم “الوسيط” … يا راجل الواد تعبان سيبه يرفه عن نفسه شويه وينبسط عشان يعرف يستوعب اللى بيقراه.. “تدخل من الوسيط”.
الأب: لأ .. يذاكر ساعة زيادة كل يوم من الاسبوع الجاى ده كله.. “تنازل جزئى”..
الإبن: خلاص موافق. “موافقة على البديل المطروح”.
الأب: بس مفيش 50 جنيه.. هم 30 جنيه بس اللى حتاخدهم. “تنازل جزئى”
الإبن: مش حيكفوا يابا !!.. “رفض التنازل”
الأم: يا راجل حرام عليك الحاجة بقت غالية والأسعار بقت مولعة نار… انت عارف تذكرة السيمه دى بقت بكام دلوقتى .. ده يدوب الاربعين جنيه دول يكفوا السيما والمواصلات… “طرح بديل من الوسيط”.
الابن: خلاص ياما …. “اعتراض خفيف”.
الأم: يا واد اسكت سيبنى اكمل كلامى.. “الوسيط يتمسك بما طرحه”.
الابن: ماشى ياما.. “موافقة”.
الاب: طب خلاص انت وهو قلبتوا دماغى.. خد الاربعين جنيه اهم.. بس مش كل شوية تعملى الحكاية دى.. ومتنساش يا حبيب ماما تذاكر الساعة الزيادة بتاعة كل يوم.
الابن: متشكر يابا ربنا يخليك ليا.
انتهى المشهد
هذا المشهد التلقائى فيه مفاوضة ووساطة وتنازلات مشتركة وبدائل معقولة واتفاق مشترك.
المشهد الثانى
هو كما من واقع الحياة وفيه مهارة وتكتيكات تفاوض ودراسة سريعة وفورية للطرف الآخر، ومراعاة نفسية وإقناع بالمكسب.
يجرى المشهد فى سوق الموسكى بالعتبة بين بائع بيبيع كبايات شاى، وزبون….
الزبون: يمسك دستة الكبايات فى ايده ويسأل البائع … بكام الدستة من الكوبايات دى يا معلم؟
البائع: قول كلمتك يا باشا .. وكلك نظر..
الزبون: يا عم قول بكام انت خلينا نشترى.
البائع: يا عم خلي عنه خالص…
الزبون: لا يا عم دى تبقى غالية … ههههه … يا عم قول بكام خلينا نمشى.
البائع: خلاص يا باشا عشان خاطرك انت بس بعنا بعشرين جنيه.
الزبون: لا لا .. دى أخرها 15 جنيه.
البائع: يا باشا ده ثمنها من مطرحها… طب حطلنا عليها جنيه مكسب.
الزبون: هم 15 جنيه مفيش غيرهم.. مش حدفع مليم زيادة.. بايع ولا اروح اشوف مكان تانى؟
البائع ياخد الكوبايات من ايد الزبون بعصبية ويحطها على جنب.
ويقول للزبون: خلاص يابا بطلنا نبيع.. احنا عايزين نكسب مش نبيع بالخسارة..
الزبون ينصرف ويعطى ظهره للبائع…
لأ استنى … دى مش نهاية المشهد لسه فى باقى .. اسمع يا سيدى..
البائع ينادى على الزبون: يا استاذ … يا باشا … تعالى يا عم متزعلش
الزبون: عايز ايه؟
البائع: خلاص يا عم انا حبيعلك عشان انت راجل وشك سمح “شوف الكلام”.. وكما عشان نستفتح ده انت اول زبووون.. “مع ان الساعة 4 العصر يا اخى”..
الزبون: يدفع الـ15 جنيه وياخد الكوبايات ويروح سعيد بالصفقة.
وحاسس قد إيه هو وشه سمح وشاطر وكمان كسبان وداخل على مراته دخله كبيرة ولا اللى جايب الديب من ديله، ويدور الحوار التالى:
الزوجة: إيه اللى انت شايله فى ايدك ده يا حبيبى..
الزوج: اسكتى .. ده انا جايبلك دستة كوبايات ايه … تحفة، وكمان طلعت روح الراجل وقدرت اخدهم منه بـ15 جنيه، مع ان تمنها يجى 35 جنيه… ايه رايك بقى؟
الزوجة: يا مصيبتى السودا .. ايه ده يا راجل.. وبتقولى ضحكت عليه.. ده هو اللى ضحك عليك ودبسك فيهم.. الدستة اللى انت داخل عليا وفرحان بيها دى .. لسه شايفها فى السوبر ماركت اللى جنبينا … وبتمانية جنيييه..
انتهى المشهد
يعنى التكتيكات والمهارة والتسليم بفكرة التنازلات ضرورى لأن المصالح مشتركة.. وده فكر لابد من ترسيخه فى الأذهان خاصة أذهان شركاء العمل فى ظل مناخ صحى تؤمن الأطراف فيه بأن الحوار هو لغة الأكفاء الراغبين فى التطوير والتنمية وأن ثقة المحاور بنفسه لا تعنى أنه عارف الحقيقة كلها، ويملك النفوذ كله المسألة مش كده لأن ثقة المفاوض العاقل فى نفسه تعنى أيضا ثقته فى شريك العمل اللى بيملك هو كمان جزء من الحقيقة وجزء من النفوذ.
وكمان لازم يدرك أطراف العمل أن الحوار هو الفعل اللى ما يعرفش نهايات مغلقة، بل ينطوى على تحول مستمر صاعد لمن يبحثون عن تنمية أفضل ومستقبل مشرق لأطرافه وللمجتمع كله.
عشان كده بنقول لأصحاب الأعمال يعلوا من قيمة التشاور والحوار بين شركائهم فى العمل وتمكينهم من الحصول على حقوقهم ولازم إحنا كما كنقابيين نزود وعينا ومهاراتنا بالتثقيف الدائم عشان يبقى عندنا بنية تفاوضية قائمة على كادر نقابى مدرب وعلى قاعدة معلومات عصرية لتحسين شروط العمل وتنمية المنشأة التى نعمل فيها فى نفس الوقت.
وكمان ما ننساش إن فيه إطار قانونى للمفاوضة وأهدافها فى:
– تحسين شروط وظروف العمل وأحكام الاستخدام.
– التعاون بين طرفى العمل لتحقيق التنمية الاجتماعية لعمال المنشأة.
– تسوية المنازعات بين العمال وأصحاب الأعمال.
والمجالات الثلاثة دى تعتبر أهم وظيفة من وظائف التنظيم النقابى لأن العامل اللى انضم للنقابة عايز شروط عمل أفضل عايز شروط عادلة فى الأجر والحافز وساعات العمل والرعاية الصحية والاجتماعية والإجازات والترقيات والأمن الوظيفى يعنى ميتفصلش ظلم وكمان يحصل على جزء من الرفاهية ويلاقى اللى يرفع من مستواه الثقافى والمهنى كل دى شروط مطلوب تحسينها.
ويكون فيه وقاية من الحوادث ومكان العمل يكون فيه تهوية وإضاءة جيدة ومفيش ضوضاء عالية وفيه حماية من الحرارة ومن البرودة ومن الأدخنة والغازات ويكون المكان واسع يستوعب العمال المشتغلين.
كل دى أمور يجب التفاوض بشأنها.
وفى حالة نجاح المفاوضة الجماعية يدون الاتفاق فى اتفاقية جماعية، وتوقيع الأطراف على الاتفاقية يعتبر تتويجا لعملية شاقة.
وعشان تبقى الاتفاقية نافذة وسارية:
– يتم إيداعها لدى الجهة الإدارية المختصة وتنشر بالوقائع المصرية.
ولسه فيه ملاحظة:
فيه ناس بتنتقد إن الاتفاقية تبقى مدتها 3 سنوات وإنه يبقى فيه صعوبة فى إنهائها أو تعديلها إلا فى الظروف الطارئة وأنها من الممكن تكون مجحفة للعمال منذ اليوم الأول لإقرارها وده كلام عايز مناقشة وتصحيح…
أولا: حيث تسرى الاتفاقية لمدة محددة لا تزيد على ثلاث سنوات كحد أقصى.
ثانيا: أن الأمر مرهون بإرادة الأطراف يخلوها سنة أو اثتين هما احرار.
ثالثا: أن إنهاء الاتفاقية قبل ميعادها تحت دعوى أنها مجحفة للعمال حجة ضعيفة جدا عشان على الجانب الآخر فيه شركاء فى الاتفاقية أصحاب الأعمال هما كمان ممكن يقولوا إن الاتفاقية مجحفة لهم ويطالبوا بعدم تنفيذها.
رابعا: إذا الأمور صارت بهذا الشكل حتبقى علاقات العمل فوضى وحيبقى صعب إنك تعقد أى اتفاقية جماعية على الإطلاق.
خامسا: أن الضمانة الوحيدة لجودة أى اتفاقية يجريها التنظيم النقابى تكمن فى رؤية الواقع الاقتصادى للمنشأة وتوفر المعلومات والبيانات الصحيحة حول الموضوع المطروح للتفاوض ومهارة مفاوضين لهم رؤية مستقبلية واضحة لسنة أو اتنين أو تلات سنوات.
نصائح ووصايا..
ولكون المفاوضة اتصالات تتم بين بشر، ويلعب الحوار الدور الأكبر فى عرض وجهات النظر المختلفة ومواجهة الحجة بالحجة لذلك فالكلمة التى تقال على مائدة المفاوضات يجب أن تكون محسوبة ولها مدلولها، كما أن الإشارة والإيماءة قد تنقل من الرسائل والرموز ما تعجز عنه الكلمات، وعلى سبيل المثال فالميل بالمقعد للخلف يعبر عن عدم المبالاة بما يقال، والميل للأمام يعبر عن الاهتمام بما يقال والإشاحة بالوجه قد تعنى عدم الرغبة فى الإنصات، والنظر أسفل الكرسى قد يعنى عدم الاهتمام والضجر، والنقر بالأصابع على المنضدة يعنى التوتر والقلق والعصبية، وتقطيب الجبين إشارة إلى عدم الرضا، والابتسام قد يعبر عن تخفيف حدة التوتر أو عن تصعيده، والصمت قد يكون إنصاتا أو يخلق الانطباع بأن هناك طريقا مسدودا، وتحت عنوان نصائح ووصايا للمفاوضين يقول الأستاذ/ عبد السلام عياد “رحمه اللـه” فى كتاب المفاوضة الجماعية وهو أحد المراجع المهمة فى هذا الخصوص..
– لا تتفاوض دون استعداد تام، ويجب التعامل مع المفاوضات بالجدية الواجبة.
– يجب عدم الاستهانة بقدرات الطرف الآخر.
– من الأهمية التحلى بالثبات وهدوء الأعصاب والبعد عن الاستفزاز، وحاول ألا تفقد هدوءك وأعصابك حتى فى ظل الاستفزاز الذى قد يوجه إليك من الآخرين.
– استمع بأكثر مما تتكلم، وإذا تكلمت فحدد ما تعنيه بدقة.
– لا تتسرع فى اتخاذ قرار غير مدروس، ولا تقدم عرضا معينا حتى تتأكد تماما من حدوده ومجاله ومدى تأثيره.
– يجب بناء التحليلات والقرارات على الحقائق الموضوعية وانطلاقا من ظروف الواقع، وليس على الأمانى والتمنيات.
– تذكر أن المفاوضين هم أولا وأخيرا بشر، لهم “عواطف – قيم – خلفيات ثقافية – وجهات نظر – اتجاهات – دوافع – هياكل شخصية” .. الخ.
– يبج تهيئة الطرف الآخر، وإعداده نفسيا لتقبل الاقتناع.
– أهمية الإيمان بصدق وعدالة القضية، لذلك ينبغى الاقتناع بالرأى أولا، قبل إقناع الآخرين به.
– يجب التركيز على المصالح.. لا على المواقف، وتذكر أنه لا توجد صداقة أو عداوة دائمة، ولكن هناك دائما مصالح دائمة.
– لا تضع ما معك من أوراق على المائدة مبكرا، وتذكر أنه يجب أن تخفى هدفك الحقيقى.
– لا يأس فى التفاوض.
– لا تنخدع بظاهر الأمور.
– كن جاهزا دائما لتغيير المداخل، وابتكار طرق وأساليب جديدة لتناول الموضوعات، وتقديم المقترحات الملائمة لتفادى انهيار المفاوضات.
– ابتعد عن المطالب التى لا تمثل أية إضافة حقيقية أو أية ميزة لصالحك.
– يجب التردد مرات عند منح أى شئ دون مقابل.
– لا تعط رفضا قاطعا إلا إذا كنت تعنيه فعلا.
– عند تقديم تنازلات، تأكد أن لها علاقة شرطية بالاتفاق النهائى.
– لا تأخذ “لا” من الطرف الآخر على أنها نهائية، وحاول أن تقترب من الموضوع من زاوية أخرى، وحاول ربط هذا الموضوع بموضوع آخر.
– خذ مذكرة بالمسائل المعلقة “التى لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأنها” واحتفظ بها دائما أمامك.
– لا توافق مطلقا على شئ تشعر أنه فوق طاقتك، أو أنك لا تستطيع تحمل تنفيذه.
– تذكر دائما أنه بمجرد انتهاء جولات المفاوضات، فإن الأطراف المعنية سوف تتعايش معا رغم كل شئ.
– لا تفش أسرار المفاوضات.
– حاول أن تكون أفكارك واضحة وموضوعية وتخدم الهدف، علاوة على أهمية استخدام الأرقام والمؤشرات الدقيقة والحاسمة.
– يجب عدم تجاهل أو تخطى قائد الفريق “أو المتحدث الرسمى”.
– حينما يتم التوصل إلى اتفاق حول قضية ما، فيلزم الاتفاق على لغة العقد الدقيقة والمعبرة “الصياغة اللغوية”، حيث أن هذه الكلمات هى التى سيتم الرجوع إليها لتنفيذ بنود الاتفاق، وكذلك عند حدوث أى خلاف فى مجال التطبيق.
– فى حالة إذا ما تم ا لتوصل إلى تفاهم مشترك حول الاتفاق النهائى، فلا تغادر مائدة المفاوضات دون أن يكون معك نسخة مبدئية موقعة.
– يجب التركيز على من لديه السلطة الفعلية فى الفريق الآخر، وفهم أبعاد شخصيته.
– البدء بالمسائل الأكثر سهولة ثم التحرك إلى الأكثر تعقيدا.
– العناية الشديدة بكل الإشارات والإيماءات والتعليقات التى يبديها المفاوضون.
– كن مرنا بالدرجة التى توصل إلى الاتفاق، ولكن فى حدود طاقة الاحتمال.
– إذا قلت “لا” لعرض ما فاذكر السبب، وتذكر أن تبرير المطالب والمواقف يساعد على تخطى العقبات، ويهيئ الظروف لسرعة التلاقى.
ولا شك أن الأخذ بهذه الوصايا مع باقى المهارات الأخرى يساعد على تقريب وجهات النظر، ويمكن الأطراف من الاقتراب من الهدف أو الوصول إليه، وهو عقد الاتفاق.