كلمة «المراغى» أمام المنتدى العربى الثانى للتنمية والتشغيل

– السيد الأستاذ الدكتور/ محمد سعيد السعدى

                وزير التخطيط والتعاون الدولى باليمن

– السيد الأستاذ الدكتور/ رأفت رضوان

                خبير منظمة العمل العربية

الحضور الكريم . . .

السلام عليكم ورحمة اللـه وبركاته،،

بالأصالة عن نفسى وبالإنابة عن الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يطيب لى أن أتقدم إليكم جميعا بوافر الاعتزاز والتقدير لمشاركتكم في أعمال المنتدى العربى الثانى للتنمية والتشغيل، متمنيا لأعمالنا التوفيق والتوصل إلى توصيات تسهم في توفير الحماية الاجتماعية وتحقق التنمية المستدامة.

الحضور الكريم . . .

من خلال مداولاتنا ومناقشاتنا فى هذا المنتدى فإننا نأمل فى التوصل إلى إصدار إعلان الرياض الذى يتضمن أسس التفاهم المشترك لتحقيق التنمية التى تضمن زيادة فرص العمل والحد من البطالة ومكافحة الفقر. إننا نقدر عاليا اهتمام المشاركين في هذا المنتدى بدراسة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التى يمر بها الوطن العربى والتى يجسدها ارتفاع معدل البطالة إلى 16%، حيث اقترب عدد العاطلين عن العمل في الوطن العربى إلى نحو 20 مليون عاطل تتركز غالبيتهم بين الشباب إضافة إلى تزايد نسبة الإناث إلى ضعف النسبة بين الذكور.

الحضور الكريم . . .

تعانى أسواق العمل في معظم الدول العربية من انتشار ظاهرة البطالة التى ترجع إلى عوامل عدة من أهمها ارتفاع معدلات النمو السكانى، وعدم قدرة الوطن العربى على توفير فرص عمل كافية تتلاءم مع العرض المتمثل في الأعداد المتزايدة من الداخلين الجدد إلى سوق العمل بسبب ضعف القاعدة الإنتاجية، وضعف الاستثمارات، بالإضافة إلى الاتجاه العام نحو تقليص الوظائف الحكومية نتيجة تطبيق برامج الخصخصة والإصلاح الاقتصادى، وعدم قدرة القطاع الخاص في المرحلة الانتقالية للخصخصة على استيعاب جزء جوهرى من الداخلين إلى سوق العمل، وعدم مواءمة مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل في الوطن العربى.

وتعد معدلات البطالة من الخواص التى يتم استخدامها بشكل واسع لمعرفة حجم انتشار ظاهرة البطالة في أى مجتمع من المجتمعات. كما أنها تعكس بشكل كبير قدرة أسواق العمل على استيعاب العرض من الأيدى العاملة. ويواجه واضعو السياسات بالدول العربية عددا من المشاكل المرتبطة بسوق العمل منها البطالة، وانتشار ظاهرة الفقر، وتدنى مشاركة النساء في النشاط الاقتصادى، وتدنى مستويات الأجور.

ولا شك أن الحد من انتشار ظاهرتى البطالة والفقر سينعكس بشكل إيجابى على المستويات المعيشية للسكان ويساهم بالتالى في تحقيق التنمية المستدامة.

وبالمقارنة مع البلدان النامية الأخرى فإن أسواق العمل في الدول العربية تتسم بحراك دائم للأيدى العاملة، وارتفاع معدلات البطالة خاصة بين الشباب، وهيمنة القطاع العام على التشغيل. وقد كان للنمو السكانى وما نجم عنه من نمو في أعداد قوة العمل والتقلبات الاقتصادية المستمرة التى تسببها تقلبات أسعار النفط الدور الرئيسي في إبراز هذه السياسات التى تتصف بها أسواق العمل العربية.

وهناك ثلاثة أسباب رئيسية أدت إلى تفاقم مشكلة البطالة في الوطن العربى، يتعلق أولها بتراجع قدرة القطاع العام على تشغيل الأيدى العاملة العربية، مع الارتفاع المستمر في أعداد الداخلين الجدد لأسواق العمل. فالقطاع العام يشغل حاليا ما يقرب من ثلث العاملين في المنطقة، ويعانى هذا القطاع من كبر الحجم وانخفاض الإنتاجية. ومن المتوقع أن تقل مساهمة هذا القطاع في التشغيل في المستقبل في ظل برامج الخصخصة التى تنفذها دول عربية عديدة.

ويتمثل السبب الثانى في محدودية حجم القطاع الخاص وعدم قدرته على توفير فرص عمل لكافة الباحثين عن عمل. إذ تشكل القيود المباشرة وغير المباشرة المفروضة على الاستثمار، وعدم توافر البيئة الاقتصادية والسياسية المناسبة، وسيطرة الدول على الاقتصاد مشكلة أساسية أمام توسع هذا القطاع وقيامه بدور فاعل في دفع عجلة التنمية، وتوفير فرص عمل للأعداد المتزايدة من الداخلين الجدد إلى أسواق العمل العربية.

ويتعلق السبب الثالث بجودة التعليم ونوعيته في الدول العربية. إذ تعانى هذه الدول من توجه غالبية الشبان والشابات إلى التعليم في المجالات الأكاديمية سعيا للحصول على فرص عمل في القطاع العام الذى يقدم الحوافز الوظيفية كالاستقرار الوظيفى والتأمين الصحى والمخصصات التقاعدية. ويفتقر النظام التعليمى في الكثير من الدول العربية إلى التركيز على المناهج التعليمية المتعلقة بالجوانب الفنية والمهنية التى تعد من التخصصات التى تحتاجها أنشطة اقتصادية متعددة في أسواق العمل. وعليه فإن المخرجات التعليمية في كثير من الدول العربية لا تتوافق مع احتياجات أسواق العمل وأولوياتها، بالإضافة إلى أن الكثير من الشبان والشابات يواجهون صعوبات في استكمال دراستهم خصوصا الدراسة الجامعية بسبب محدودية الموارد المالية لأسرهم، وارتفاع تكلفة التعليم الجامعى سواء في الجامعات الرسمية أو الخاصة.

ومما يزيد من مشكلة البطالة تعقيدا افتقار غالبية الدول العربية إلى المؤسسات والسياسات الفاعلة لتنظيم أسواق العمل، وغياب شبكات الضمان الاجتماعى. وقد ساهمت الهجرة إلى دول الخليج العربية في الحد من مشكلة البطالة في بعض الدول العربية إلا أن حجم الهجرة إلى هذه الدول بدأ بالتضاؤل نتيجة لتطبيق برامج توطين الوظائف والمنافسة الشديدة من جانب العمالة الآسيوية وغير الآسيوية على فرص العمل المتاحة في أسواق العمل الخليجية.

الحضور الكريم . . .

أن الاتحاد العام لنقابات عمال مصر الذى يضم في عضويته ما يقرب من 6 ملايين عامل يدافع عن جميع من يعمل بأجر في مصر وعددهم يقترب من 25 مليون عامل.

ويقوم الاتحاد العام حاليا بمراجعة تشريعات العمل لكى تحقق طموحات واستقرار العاملين تمشيا مع ما نص عليه الدستور في 45 مادة تخص العمل والعمال. وفي مقدمة هذه التشريعات تعديل قانون العمل، وقانون التأمينات الاجتماعية، وقانون التأمين الصحى، وقانون النقابات العمالية، وقانون العاملين المدنيين بالدولة. كما يسعى الاتحاد العام حاليا إلى تدعيم الحوار الاجتماعى مع أصحاب الأعمال والحكومة لحل مشاكل العمل والعمال، وتحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع العاملين عن طريق زيادة الأجور وتطبيق الحدين الأدنى والأقصى للأجور في جميع قطاعات العمل، كما يطالب الحكومة بعودة الشركات التى صدرت أحكام قضائية بعودتها للدولة، وإعادة تشغيل المصانع المغلقة، وتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لتحديث المصانع وزيادة إنتاجيتها.

كما يوجه الاتحاد العام لنقابات عمال مصر اهتماما كبيرا للثقافة العمالية من خلال المؤسسة الثقافية العمالية وفروعها ومعاهدها المتخصصة في المحافظات وكذلك من خلال الجامعة العمالية التى تستهدف دعم وتطوير مستويات القيادات النقابية العمالية بأسلوب علمى سليم يتفق ومنهج العصر.

ولدى الاتحاد العام المؤسسة الاجتماعية العمالية التى تتولى تقديم النشاط الاجتماعى للعمال، إضافة إلى المؤسسة العمالية لخدمات المصايف التى تسهم في تقديم خدمات الترفيه عن العمال.

أتمنى لهذا المنتدى الموقر كل التوفيق من أجل تحقيق الحماية الاجتماعية والتنمية المستدامة في الوطن العربى.

والسلام عليكم ورحمة اللـه وبركاته،،