عمال قطاع غزة .. معاناة مستمرة وفرص عمل محدودة

يشكو عمال قطاع غزة منذ فترة بعيدة سوء أحوالهم الاقتصادية، وذلك منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، حيث فقد جميع عمال القطاع أعمالهم في داخل (إسرائيل)، وقد حجز على مدخراتهم بالرغم من رفع دعوة أمام القضاء الإسرائيلي لاسترجاع حقوقهم. 

فعامل الدهان يوسف الجملة أكد أنه منذ اندلاع الانتفاضة الأقصى تم منعه والكثير من العمل في (إسرائيل) بحجة تدهور الوضع الأمني، مبينا أنه منذ عشر سنوات وهو لم يعمل سوى في أعمال بسيطة. 

وأوضح في حديث لـ”فلسطين” أنه يعمل في الوقت الحالي بشكل مؤقت ويحصل على راتب رمزي في مقابل العمل الذي ينفذه لبعض الجهات في قطاع غزة، منوها إلى أن الديون المالية تتراكم عليه منذ سنوات حيث لم يستطع دفع إيجار بيته منذ سنوات وتتراكم عليه فاتورة الكهرباء. 

وأضاف الجملة: إن” العمال في غزة أكثر شرائح المجتمع معاناة منذ سنوات، وما يقدم يعد قليلا بالنظر إلى أعدادهم، وأعداد أفراد أسرهم” متابعا:” لي 8 من الأبناء كلهم يدرس في المدرسة ماعدا واحد منهم التحق في الجامعة ليكمل دراسته عله بعد التخرج يجد فرصة للعمل”. 

وبين أن العمال في (إسرائيل) كانوا يحصلون على معاشاتهم بشكل يومي، بالإضافة إلى ادخار رب العمل لجزء من المعاش يدفعه بعد فترة، “إلا أن منعنا من العمل ساهم في فقداننا لجزء من مدخراتنا، ولم نحصل عليها بالرغم من رفع دعوة أمام القضاء الإسرائيلي”. 

وطالب وزارة العمل بتوفير أعمال ثابتة للعمال ليتمكنوا من إعالة عائلتهم، أو توفير بطالة لهم تسد احتياجاتهم بشكل يومي، بدلا من تركهم دون أي مساعدة. 

بلا فرصة عمل 
من جهته، أكد عامل نقل البضائع إلى الشاحنات الإسرائيلية خالد أبو طالب أنه لم يحصل على أي فرصة عمل في أي مكان في قطاع غزة منذ أن جلس عن العمل في عام 2000، حيث اندلاع الانتفاضة. 

وأوضح في حديث لـ”فلسطين” أن فشله في الحصول على أية فرصة عمل أو مساعدة مالية دفعه إلى التجول في شوارع قطاع غزة وبيع الجرائد للمارة، وأنه فضل كسب مبلغ قليل من المال على أن يجلس في البيت دون أي مردود مالي. 

وأشار أبو طالب إلى أنه لم يحصل على أي مساعدة مالية من أي جهة في قطاع غزة، وأنه في وقت العمل في (إسرائيل) كان يحصل على راتبه بشكل يومي وليس له مدخرات من أرباب العمل الإسرائيلي. 

من جانبه، أكد عامل الدهان أسامة مغافل أنه بعد التوقف عن العمل لسنوات أصيب بجلطة، واضطر للخضوع لعملية قلب مفتوح وبسبب المرض منع من العمل في الدهان، فهو ممنوع عن العمل لأسباب خارجة عن إرادته. 

وأوضح في حديث لـ”فلسطين” أنه مواطن ويحصل على مساعدات من الشئون الاجتماعية، وبعد تعافيه من المرض بشكل جزئي، قرر العمل في بيع الملابس المستعملة، لسد احتياجات عائلته المكونة من 9 أفراد. 

وأشار مغافل إلى أنه لا أحد من أفراد أسرته يعمل، فهو يعتمد على مساعدة الشئون الاجتماعية، وعلى ما يحصله يوميا من بيع الملابس القديمة، مبينا أنه كان يحصل على راتبه بشكل يومي أثناء العمل في (إسرائيل). 

من جانبه، أكد عامل الخياطة أبو رائد أنه عمل في الدولة العبرية لحوالي عشرين عاماً، وتمكن خلال فترة عمله من إعمار بيت للعائلة فوق قطعة الأرض التي يمتلكها، والتخلص من الإيجار الشهري الذي كان يدفعه. 

وأوضح في حديث لـ”فلسطين” أنه منذ أن توقف عن العمل في إسرائيل، لم يحصل على فرصة عمل في أي مصنع في قطاع غزة، وقرر أن يأخذ غرفة من المنزل، واشترى ماكينة خياطة بالقسط للعمل عليها. 

وأشار إلى أنه يخيط بعض الستائر للأقارب في مقابل الحصول على أجرة للخياطة، رغم أنها تعد أجرة بسيطة مقارنة مع ما كان يحصله في (إسرائيل)، مؤكدا أنه تمكن ومنذ تخفيف الحصار من العمل بشكل أفضل من فترة الحصار وتطور عمله. 

وعند سؤاله عن إمكانية فتح مصنع للعمل به، أجاب لا يمكنني ذلك، لا أمتلك المال الكافي لإنشائه، والمصنع بحاجة إلى عمال ودفع رواتب لهم وهذا غير ممكن حاليا، مبينا أن أحواله تحسنت قليلا عن السابق ويمكنه تلبية احتياجات أسرته اليومية. 

انخفاض البطالة 
من جانبه، أكد رئيس نقابات عمال فلسطين في قطاع غزة سامي العمصي أن أوضاع العمال تحسنت بشكل بسيط، حيث انخفضت معدلات البطالة بين العمال من 60% إلى 40%، وذلك بعد توافر المواد الخام. 

وأوضح في حديث لـ”فلسطين” أن أغلب العمال الذين توفرت لهم فرصة عمل حاليا يعملون في قطاع البناء، أكثر القطاعات فاعلية وتشغيل للعمال، وأن العمل يكون في قطاع البناء وتوابعه من أعمال أخرى. 

وأشار العمصي إلى أن العمال في القطاع الصناعي لم تتوفر لهم فرصة للعمل في مصانع غزة، لسببين الأول توقف أغلب المصانع عن العمل بسبب الحصار ومنع دخول المواد الخام، والثاني لازدحام أسواق غزة بالسلع والمنتجات المستوردة الأمر الذي قلل من فرص العمل. 

وأضاف: إن” مشكلة عمال غزة مستمرة منذ سنوات اندلاع الانتفاضة، وتعمقت مع الحصار وغياب الفرص الحقيقية للعمل، حيث كان يعمل في داخل (إسرائيل) نحو 120 ألف عامل وعاملة في مختلف القطاعات”. 

وتابع العمصي: إن” العمال يحتاجون حاليا إلى إعادة تأهيل، بسبب تركهم للعمل منذ سنوات، حيث فقد العديد منهم القدرة على العمل، ولم يعد البعض الآخر منهم قادراً على العمل لكبر سنه وبلوغه الخمسين عاماً وأكثر”. 

وبين أن العامل الذي يحصل على فرصة عمل حاليا يلزمه إعادة تأهيل ليتمكن من العمل بشكل جيد، وأن اتحاد النقابات ينسق مع وزارة العمل لتنفيذ مجموعة من الدورات التدريبية متمنيا أن يزيد أعداد المتدربين عن 30 عاملاً. 

ونوه العمصي إلى أن منطقة الشمال لا يوجد فيها أي مركز لتدريب أو تأهيل العمال، مشددا على أن العديد من العمال عملوا في (إسرائيل) منذ سبعينيات القرن الماضي ومضى على عملهم نحو أربعين عاماً. 

استغلالهم في غزة 
ولفت إلى أن بعض العمال يتم استغلالهم من أرباب العمل في غزة، حيث لا يحصل العامل على أجرته التي يستحقها، مستغلين قلة فرص العمل في القطاع وتوفر البديل للعامل الذي قد يعترض على ذلك. 

وأضاف العمصي: إن” العمال يخافون الحديث عن أوضاعهم، وعن استغلالهم من قبل أصحاب العمل خوفا من أن يصرفه رب العمل من مكان عمله، وأن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانيها تدفعه لعدم الحديث حول أي صعوبات أو استغلال”. 

وتابع إن:” العامل الذي يعمل بشكل مؤقت أو لمدة شهر يتم شطبه من قائمة البطالة في وزارة العمل، وكأنه حصل على عمل مستمر، وهذا غير صحيح وعلى الباحثين والمدققين الذين يتابعون أوضاع العمال مراجعة ذلك حتى لا يزيدوا من معاناة العامل”. 

وبين العمصي أن العمال اللاجئين يحصلون على مساعدات من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأنروا”، مطالبا بإقرار قانون الضمان الاجتماعي وتقديم مساعدة بحد أدنى للعمال لتمكينهم من سد احتياجات أسرهم. 

وأردف: إن” الأنروا تضع حداً أدنى للعامل بحيث لا يقل عن 1800 شيقل، كحد أدنى للفقر، متسائلا ما المانع في إقرار قانون الضمان الاجتماعي، وأن إقراره سيكون له أثر إيجابي على العمال”. 

ونفى العمصي أن يكون عمال غزة قد حصلوا على مدخراتهم المحتجزة منذ سنوات عند أرباب العمل في (إسرائيل)، مؤكدا استمرار الدعوة أمام القضاء الإسرائيلي، وأن بعض العمال لهم مدخرات حوالي 10-15 عاماً . 

يشار إلى أن منطقة إيرز الصناعية كانت من أكثر المناطق تواجدا للعمال حيث قدروا بآلاف العمال والعاملات موزعين على مائتي مصنع وورشة تعمل بمجالات مختلفة وتحولت اليوم إلى منطقة مهجورة منذ عام 2004م ، وذلك بعد أن أقرت الحكومة الإسرائيلية خطة الانفصال والانسحاب من قطاع غزة أحادي الجانب وبالتالي فقدت أكثر من 50 ألف عائلة دخلها ومصدر رزقها.

المصدر: فلسطين اون لاين