ضحايا الدولار

نقص الدولار.. يشرد الشركات والمصانع

ألفا عامل بـ «حديد عز» معرضون للطرف بعد توقف خطى الدرفلة والبليت شوب

بشاى للصلب تستعين بمستشار بالقوى العاملة للاستغناء عن 5 عمال أسبوعيا

عدم توافر الخامات يهدد شركات الأدوية بالتوقف وضياع حقوق العاملين

سيراميكا الجوهرة تستغنى عن 70 عاملا وأجازة مفتوحة للعاملين بـ «جنرال موتور»

 

تحقيق | أميرة عبد اللـه

 مازال الدولار يواصل جبروته أمام الجنيه ويفرض سطوته على السوق والاقتصاد ويهدد بانهيار قطاعات انتاجية غاية فى الأهمية تمس المواطن والعامل المصرى فى الصميم.

«العمال» والقيادات النقابية فى قطاعات صناعة الحديد والسيراميك والنسيج والأدوية أكدوا ان العمالة بهذه القطاعات بدأت تدفع الثمن بسبب هذه الأزمة التى عجزت حكومة شريف اسماعيل عن حلها حيث اضطر اصحاب الشركات ورجال الاعمال فى البداية تخفيض الرواتب ورفضمنح العلاوات أو صرف الأرباح مع تقدير العمال للظروف الاقتصادية للدولة وللشركات التى يعملون بها ربطوا الأحزمة على بطونهم عملا بالمثل القائل «رضينا بالهم»!! ولكن مع استمرار الأزمة وعدم توافر الدولار بالبنوك الرسمية حتى وصل سعره إلى أكثر من 9 جنيهات بالسوق السوداء وتوقف عدد كبير من الشركات عن العمل لعدم القدرة على استيراد المواد الخام بدأ التفكير فى التخلص من العمالة فهناك ألفى عامل بحديد عز معرضون للتسريح بعد توقف مصنعى الدرفلة والبليت شوب كما قامت ادارة شركة بشاى بالاستعانة بمستشار سابق بالقوى العاملة لطرد 5 عمال اسبوعيا بصوة تبدو قانونية وبدأت شركات سيراميكا الجوهرة بفصل العمال والبداية كانت بـ 70 عاملا.

المسئولون بشركات الادوية اشاروا إلى أن القطاع على وشك الافلاس بعد الخسائر المتلاحقة بسبب ازمة الدولار وثبات سعر الدواء سيؤدى إلى منح آلاف العمال اجازة مفتوحة كما حدث مع شركات جنرال موتورز.

أكد “ممدوح محمد احمد” رئيس اللجنة النقابية بالشركة حديد عز ورئيس فرع النقابة العامة للصناعات الهندسية والمعدنية والكهربائية بأن تأثير التمويل بالنسبة للنقد الاجنبى بدأ يتضح بشكل مبدئى على أغلب الشركات والتى بدأت تتأثر بالأزمة بشكل أو بآخر وتودى بالعمال لمصير مجهول.

قال شركة حديد عز بدأت تعانى من نقص الدولار وبدا ذلك واضحا فى الرسائل التى تأتينا من الخارج من البليت والخردة المستوردة من بيلاروسيا وأوكرانيا والصين والتى تصل لميناء الدخيلة بالاسكندرية وتظل بها لمدة تقارب الشهر أو أكثر عكس ما كان يحدث من قبل وكانت الرسالة يفرج عنها خلال 15 يوما على الأكثر قبل ارتفاع سعر الدولار ونقصه بالسوق.

أوضح “ممدوح” ان المصنع متوقف من اسبوعين وخاصة خطين الدرفلة والبليت شوب مشيرا إلى أن الشركة تضم 2000 عامل وإذا لم تحدث انفراجة خلال الفترة القادمة فى سعر العملات الأجنبية لا أحد يعرف ما الذى ينتظر العمال؟!

قال انه على الرغم من كل ما يحدث ورغم التوقف وعدم وجود تمويل لشراء الخامات ورغم ان البنك المركزى يسمح لنا بتبديل 250 ألف دولار شهريا مع ان اقل رسالة نحتاجها فى المصنع يتراوح سعرها من 7 إلى 7 ملايين دولار. اضاف ان المصنع من اربعة شهور لم يعمل خلالها سوى أسبوعين من كثرة التوقف وعلى الرغم من ذلك لم يقصر رئيس الشركة فى الرواتب ولا الخدمات حتى العلاوات الثانوية تم صرفها بالكامل وبحد اقصى 12% وحد ادنى 5% على الشامل.

أوضح “ممدوح” ان فرع حديد عز بمدينة العاشر والذي يضم 750 عاملا متوقفة من خمسة شهور ايضا بسبب التمويل والتزايد المستمر فى سعر الدولار وحتى الآن لاتزال العمال تحصل على كافة مستحقاتها من أجور وخدمات مشيرا إلى ان خطى الدرفلة والصهر بمجموعة عز بالسويس توقفا بسبب نقص البليت والخردة ويضم هذا الفرع 700 عامل.

أكد انه لا توجد مشاكل صادفت العمال من فترة وحتى الآن سوى ارتفاع سعر الغاز والكهرباء بجنون وهذه الشركات مستهلكة للطاقة بكثافة.

أوضح مصدر بشركة المعادى ستيل المنوفية سابقا للصلب والتى تضم حوالى 400 عامل ان الشركة بدأت الاستغناء عن بعض العمالة بسبب التوقفات المتكررة المترتبة على ارتفاع سعر الدولار وعدم توافره.

وفى شركة بشاى للصلب التى تضم 4000 عامل بدأت بالاعتماد على الخردة المحلية لتجنب الأزمة اضافة إلى انها بدأت تتجه للمقاولات من الباطن بمعنى ان هناك بعض التجار تأتى للشركة بالخامات لتصنيعها فقط لديهم ودفع قيمة المصنعية حتى تستطيع الوفاء بالتزاماتها نحو العمال ورغم ذلك بدأت ادارة الشركة تستغنى عن 4 و5 عمال كل اسبوع على الأقل لعدم ايجاد سيولة للرواتب.

أوضح رئيس فرع النقابة للصناعات الهندسية بالسادات ان كمال بشاى صاحب الشركة بدأ يستعين مؤخرا بمستشار سابق بالقوى العاملة عادل جابر وللأسف هذا الرجل تم تنصيبه بادارة الشئون القانونية براتب خيالى كما يتردد ولكنه يتفنن فى تفصيل التهم للعمال حتى يتم الاستغناء عنهم دون الحصول على أى مستحقات وكلما حاول أحد اثناءه عن ذلك ليس لديه سوى مقولة «على المتضرر اللجوء للقضاء».

قال ممدوح احمد رئيس فرع النقابة العامة للصناعات الهندسية بالسادات ان شركة بهنا الهندسية لخدمات شركات الحديد والتى تضم حوالى 350 عاملا استغنت حتى الآن عن 60% من العمالة حتى المعدات بدأت ادارة الشركة فى بيعها وتستعين بمعدات ايجار ليست صالحة للاستخدام.

أوضح ان شركة أركو ستيل والتى تعد حكومية وتضم حوالى 800 عامل تتوقف مؤخرا كثيرا بسبب أزمة الدولار وارتفاع سعره تم الاستغناء عن حوالى 10 عمال وتلك هى البداية!!

أشار إلى أن شركة سيراميكا الجوهرة والتى تضم 2000 عامل بمصنعين زادت توقفاتها الفترة الأخيرة نظرا لأن أغلب انتاجها كان يصدر إلى ليبيا وسوريا واليمن والعراق والأردن وبعد ما حدث فى هذه الدول من حروب وارهاب اصبح التصدير شبه متوقف واصبحت المصانع تحتفظ بالانتاج فى المخازن وبعدما زاد المخزون لم تجد الشركة أمامها إلا ان تتوقف عن الانتاج فى بعض الخطوط.

أوضح ان الشركتين الأولى تضم 700 عامل «بريما» وتم الاستغناء عن 70 عاملا خلال شهرين ولايزال الحال من سيىء لأسوأ والثانية جرانيتا وتضم 400 عامل ولكنها تحتفظ بالعمالة نظرا لأن بنك القاهرة شريك فيها وهو الذى يقوم بالتمويل.

أكد ان أزمة الدولار وارتفاع سعره لم تترك قطاع من القطاعات إلا وطالته آثارها مشيرا إلى أن شركة الرباعية للمنسوجات التى تضم 900 عامل باستثمار مصرى سورى وتمتلك سوريا الجزء الأكبر ولهم حق الادارة يقومون بالاستغناء عن 7 عمال اسبوعيا ويتعاملون مع العمال المصريين معاملة سيئة جدا ويميزوا بينه وبين العامل السورى الذي يتقاضى أربعة آلاف جنيه مقابل 1000 جنيه فقط للعامل المصرى وعندما يعترض أحدهم لا يجد رد سوى «اللى موش عاجبه بالسلامة» وكلما فصلوا عامل مصرى جاءوا ببديل سورى وهكذا. اضاف ان هناك ايضا الشركة المصرية السورية والتى تضم 450 عاملا تم الاستغناء عن 24 عاملا فى شهر ونصف اضافة إلى توقف التصدير والانتاج ايضا نظرا لأزمة الدولار والتى جعلت ادارة الشركة تضطر لايقاف خطوط الانتاج والاستغناء عن بعض العمالة.

خالد-الفقى

أكد المهندس “خالد الفقي” رئيس النقابة العامة للعاملين بالصناعات الهندسية والمعدنية والكهربائية ان أزمة العملات الأجنبية وارتفاع سعر الدولار ونقصه فى الأسواق تعد كارثة على الوسط العمالى لأنها إذا استمرت سوف تكون سببا رئيسيا فى بطالة اضافية للموجودة حاليا والتى نحاول من فترة الحد منها.

أوضح “الفقى” ان ارتفاع سعر الدولار إذا ظل هكذا سوف يتسبب فى إغلاق العديد من المصانع والشركات وخاصة التى تمر بحالة تعثر فى الفترة الأخيرة والبلاد لا تحتمل فى الوقت الحالى غلق منشآت أو استغناء عن عمال وارتفاع فى اعداد البطالة مؤكدا ان عددا من الشركات بالفعل بدأت في التوقف لفترات متقطعة وغيرها قامت أو بدأت فى الاستغناء عن العمالة الموجودة بها لعدم قدرتها على شراء خامات والوفاء بالتزاماتها المادية نحو العاملين بها وفى مقدمتها شركة جنرال موتورز التى أغلقت أبوابها واعطت العمال اجازة مفتوحة لحين وضوح الرؤى والوصول إلى حل فى أزمة الدولار.

عماد-حمدى

قال “كيميائى عماد حمدى” رئيس النقابة العامة للعاملين بالكيماويات انه خلال الجولات التى قام بها فى مدينة السادس من أكتوبر والصعيد وجد ان هناك شركات كثيفة استخدام الطاقة مثل شركات الأسمدة والأسمنت والأدوية والاطارات اصبحت تحقق خسائر مستمرة بعد أن كانت تحقق ارباح عالية وهذه الشركات تحتاج إلى مليون وحدة حرارية تصل تكلفتها ما بين 4 و5 ملايين وهذا ما يجعل الشركات الأجنبية تغزو الاسواق المصرية.

أوضح انه لو قمنا بعمل مقارنة ووضعنا على اليمين التوفير فى الموازنة العامة والذى حدث نتيجة ارتفاع سعر الطاقة وعلى اليسار الخسائر المحققة لدى بعض الشركات + غزو الشركات الأجنبية للسوق المصرى اضافة إلى انخفاض سعر الغاز فى هذه الدول + احجام الشركات المصرية عن التصدير بسبب ارتفاع سعر الدولار وعدم الحصول عليه والمخاطرة بفقدان فرص العمل وتوسيع الفجوة بين احتياجات السوق المصرى وما يتم انتاجه وبالتالى زيادة الحاجة عن الاستيراد فى ظل الارتفاع الرهيب فى سعر العملة الأجنبية سوف يتضح اننا يجب ان نقوم بدراسة جيدة لهذه المعادلة وان تخفيض سعر الطاقة اصبح ضرورة اكيدة لكى تستطيع هذه الشركات فى الانطلاق مرة أخرى اضافة إلى ضرورة توفير عملة صعبة والبحث لحل سريع فى أزمة الدولار.

قال النقابة العامة للكيماويات والنقابة العامة للصناعات الهندسية قاربت على الانتهاء من دراسة مقارنة فى أسباب ارتفاع سعر الغاز والطاقة قريبا جدا.

أكد الدكتور “احمد زغلول” الرئيس التنفيذى لشركة أكتوبر فارما للأدوية ان صناعة الدواء فى مصر تمر بمرحلة حرجة وتزداد صعوبة يوما بعد يوم نظرا لارتفاع تكلفة الانتاج نتيجة لزيادة سعر الدولار. أوضح ان هناك بعض الادوية المتداولة بالسوق قد تم تسعيرها حينما كان سعر الدولار يقترب من اربعة جنيهات ونصف وبالطبع لابد وان تكون الزيادة فى تكلفة الخامات الآن قد تعهدت 100% فى بعض الحالات اضافة إلى أننا لو أخذنا فى الاعتبار سعر العملة قبل الزيادة الأخيرة نجد ان الزيادة فى تكلفة الخامات طبقا للسعر الرسمى للدولار بالبنوك قد زادت بنسبة اكثر من 30% وتلك الزيادة فى سعر العملة انعكست على كل تكاليف العملية الانتاجية وهذا ما ادى إلى ارتفاع اسعار العبوات الدوائية وجميع مدخلات الانتاج الاخرى.

قال “د.زغلول” انه فى ظل سياسة الدولة بتثبيت اسعار الدواء حدث تآكل في ربحية معظم الشركات وللأسف زادت المشكلة اكثر بسبب عدم توافر الدولار بالبنوك بل ادى ايضا لتأخر الشركات فى سداد مديونياتها للموردين الأجانب والذى ترتب عليه توقف البعض عن توريد الخامات ودفع الغالبية العظمى من هؤلاء الموردين لعدم توريد أى خامات أو تلبية أى طلبات شراء بدون اعتمادات مستندية معززة. اضاف ان مشكلة ارتفاع سعر الدولار وعدم توافره بالبنوك فى غاية الخطورة لأنها فى حال استمرارها تهد بتوقف المصانع تماما عن العمل نظرا لأنها سوف يترتب عليها عدم توافر الخامات اللازمة للانتاج.

أوضح “د.زغلول” ان البعض يظن انه يمكنه الحصول على الدولار من السوق السوداء خاصة بعد ان قام البنك المركزى برفع سقف الايداع الشهرى لمليون دولار بالنسبة للشركات التى تصدر ولكن الحقيقة ان هامش الربح تآكل بالفعل اضافة إلى أن الشركات التي تتبع نظم ادارية ومحاسبية منتظمة لا تستطيع اللجوء للسوق السوداء لأنها تعد مخالفة مالية ومحاسبية وقانونية ايضا.

قال “محمد جابر” رئيس اللجنة النقابية بأكتوبر فارما ان الشركة تعمل فى صناعة الدواء من أكثر من 23 عاما وخاصة ادوية الأمراض المزمنة كالقلب والسكر والضغط والكبد ومعظم الخامات لهذه الادوية نستوردها اضافة إلى تثبيت الحكومة لسعر الدواء وان سياسة تسعير الدواء فى مصر للأسف جبرية من وزارة الصحة وتستمر لمدة تصل عشر سنوات وغير مسموح لنا تماما تحريك سعر الدواء رغم ان التكلفة تزداد بزيادة سعر العملة الصعبة وهذا م يجعل الشركات أمام خيارين اما ان تتوقف عن انتاج المستحضرات أو التقليل من الانتاجية ويجد المريض نفسه فى معاناة للحصول على الدواء.

ويلتقط “وليد عبد القوى” أمين عام اللجنة خيط الحديث ليؤكد ان أزمة ارتفاع سعر الدولار سوف يؤدى إلى تخلص الشركة من العاملين بدلا من سعيها لتحسين احوالهم وتعديل اجورهم نظرا لتناقص الربح الذى ترتب على أزمة الدولار.

تساءل “عبد القوى” إذا كانت البنوك حاليا تعانى من نقص الدولار فكيف لها ان توفر لنا عملة صعبة لشراء المواد الخامة التى يرفض المورد شحنها لنا الا بعد تسلم الثمن.

أكد ان إذا استمر الحال هكذا سوف يؤدى إلى نقص فى تواجد الادوية التى يحتاجها معظم الشعب المصرى والذى يصل إلى 50% خارج مظلة التأمين الصحى وهذا يحعلنا نطالب الدولة بالتحرك فورا لحصر هذه المشكلة وايجاد حلول سريعة وايجابية واتخاذ التدابير الكفيلة بالمحافظة على الشركات الاستثمارية لاستمرارها فى الحفاظ على العمالة.